للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكون المرء كاتباً أو قارئاً لا يلزم منه أن يكون عالماً، فإنه لا تلازم بينهما البتة، ألا ترى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكثير من الصحابة الكرام كانوا أميين لا يحسنون القراءة والكتابة، ومع ذلك فهم أعلم الناس، وانظر إلى كثير ممن يحسن القراءة والكتابة في هذا الزمان وله في ذلك درجات عليا في كثير من العلوم الدنيوية وهو لا يحسن قراءة القرآن، ومعرفة شرائع الدين، وتقدم ما قصَّه الله علينا من نبإ أهل الكتاب إذ هم يكتبونه ولا يعقلونه، فمن هنا يظهر أنها وسيلة من الوسائل لا تستقل بنفسها بل بما يحيط بها فبذلك تكون الحجة. وفي الأحكام العملية نرى أن الوصايا والأوقاف والطلاق ونحوها إذا كان مكتوباً دلت الأدلة على إنفاذه، ولكن هذا الإنفاذ متوقف على صحة نسبة الخط إلى كاتبه، وحصول العلم بذلك وليس بمجرد كونها مكتوبة والخلاف الذي حصل بعد ذلك لا في أن الكتابة المقترنة بالقرائن السابقة لا تقوم بها حجة بل للتوثق وإبراء الذمة فمنهم من يشترط الشهود والبينة ونحو ذلك، وهذا لتغير أحوال الناس واجتراء بعضهم على التزوير والكذب، وهذا لا يلغي أصل الحكم بثبوت العمل بها متى تحقق صحة نسبتها إلى صاحبها (١) .

وصحت الرواية بالمكاتبة عند جمهور أهل العلم عند حصول شروط القبول في المتكاتبين ومعرفة المكتوب إليه بخط الكاتب أو إشارته أو مختوماً بخاتمه، وأمانة ناقله ونحو ذلك (٢) .


(١) أعلام الموقعين ٤/٢٦٥، الطرق الحكمية /٢٩٩.
(٢) المحدث الفاصل /٤٥٢، الكفاية /٣٣٦، المقدمة /١٥٦، اختصار علوم الحديث /١٠٢، النكت للزركشي ٣/٥٤٤، فتح الباري ١/١٥٥، فتح المغيث ٢/١٣٥.

<<  <   >  >>