للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما التعليل الأول فقد قال الشيخ عبد الغني عبد الخالق رحمه الله: لا نسخ؛ لأن النهي في أول الأمر كان خاصاً بحالة الخوف، والإذن في حالة الأمن، فلا يرفعه الإذن بالنهي، لأنهما لم يردا في حالة واحدة بل هما في حالتين مختلفتين وعلتين متغايرتين، فيستمران هكذا إلى يوم القيامة، إن وجد الخوف توجه النهي، وإن وجد الأمن حصلت الإباحة فمن أين النسخ؟ (١) .

وأما من قال بالنسخ المطلق دون تعليل، فإنه يَردُ عليه لو أن إنساناً حديث عهد بإسلام، أو أعجمي يخشى عليه أن يلتبس عليه غير القرآن فهل يصح أن نأذن له أن يكتب السنة دون أن يعرف القرآن أو يكتبهما معاً؟ بناءً على أن الإذن المطلق هو الناسخ، لا شك أنه لا يؤذن له، فمن أين لنا أن ننهاه ما دمنا نقول: إن النهي منسوخ والنسخ إذا وقع رفع حكمه عن المكلفين (٢) ؟

فيبقى إذن ما رجَّحه ابن حجر رحمه الله فالنسخ توجه إذن إلى حالة الأمن من الالتباس فحينئذ رفع الحكم بحكم آخر وهو الإذن وأما في حالة الخوف من الالتباس فيبقى النهي مستمراً (٣) .


(١) حجية السنة / ٤٤٥، ٤٤٦ (بتصرف) .
(٢) حجية السنة / ٤٤٥، ٤٤٦ (بتصرف) .
(٣) فتح الباري ١/٢٠٨.

<<  <   >  >>