للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

د- الإجماع من الأمة القطعي بعد عصر الصحابة والتابعين على إباحة الكتابة وهو إجماع ثابت بالتواتر العملي عن كل طوائف الأمة بعد الصدر الأول (١) . وهو يدل بصورة قاطعة أن الإذن هو الأخير.

هـ- تقدم أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما كان عنده صحيفة فيها حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا علي بن أبي طالب ورافع بن خديج رضي الله عنهم وغيرهم كانت عندهم كتب، فلو كان النهي متأخراً لبادروا إلى محو ما في هذه الصحف امتثالاً لأمره صلى الله عليه وسلم (٢) .

وبهذا يتبين وَهْي هذا القول، وأما ما استدل به على أن النهي هو المتأخر:

١- استدلال من روى عنهم من الصحابة الامتناع عن الكتابة ومنعها بالنهي عنها وذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.

فسأورد على سبيل الإيجاز ما ورد عنهم ثم بيانه بياناً شافياً إن شاء الله بما يرد كلام هؤلاء.

أولاً عن أبي بكر رضي الله عنه:

أنه جمع الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم فكانت خمسمائة حديث، فبات ليلة يتقلب كثيراً، قالت عائشة رضي الله عنها "فغمني"، فقلت: "تتقلب لشكوى أو لشيء بلغك"؟ فلما أصبح، قال: "أي بنيه هلمي الأحاديث التي عندك" فجئته بها، فدعا بنار فأحرقها، ثم قال "خشيت أن أموت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني، فأكون قد تقلدت ذلك".


(١) الباعث الحثيث /١١٢.
(٢) تهذيب السنن ١/٢٤٥.

<<  <   >  >>