للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أولاً: دليل الفطرة

أهل الفطر كلهم متفقون على الإقرار بالله عز وجل. (١) "فإن الإقرار بالخالق سبحانه، وكماله، أمر فطري ضروري في حق من سلمت فطرته " (٢)، "فالفطرة السليمة تشهد بوجود الله من غير دليل:، ولم يُطل القرآن في الاستدلال على وجود الله تعالى، لأنّ القرآن يقرّر أنّ الفطر السليمة، والنفوس التي لم تتقذر بأقذار الشرك، مفطورة على الاقرار بوجوده سبحانه وتعالي، بل إنّ توحيده - سبحانه - أمر فطري بدهي؛ قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: ٣٠]. وقد نصّ الرسول صلى الله عليه وسلم على فطرة الإقرار بالخالق، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء؛ هل تحسون فيها من جدعاء) ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: اقرؤوا إن شئتم (فطرة الله التي فطر الناس عليها) (٣). ولم يقل صلى الله عليه وسلم في الحديث ويُسلمانِه، لأنّ الإسلام مُوافقٌ للفطرة ". (٤)

ولذلك لم يكثر السلف رحمهم الله الخوض في إثبات وجود الله تعالى، وحشد الأدلة لتقريره، لأنه من القضايا المسلمة المستقرة في الفطرة البشرية ". (٥)


(١) مجموع الفتاوى، شيخ الإسلام ابن تيمية (٦/ ٣٨٦).
(٢) المرجع السابق، (٦/ ٧٣).
(٣) رواه البخاري برقم كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، برقم (١٣٨٥)، ورواه مسلم في كتاب القدر، باب كل مولود يولد على الفطرة، برقم (٢٦٥٨).
(٤) العقيدة في الله، عمر سليمان الأشقر، دار النفائس، ١٤١٩ هـ، الأردن، (٦٩ - ٧٠).
(٥) المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع، خالد بن مسعود الجعيد وآخرون ' دار الهدي النبوي؛ دار الفضيلة، مصر - السعودية، الطبعة الأولى، ١٤٢٨ هـ، (٢٣٩).

<<  <   >  >>