للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[٢ - تأثير الوسواس على عقيدة المسلم]

قد يخشى كثير من المسلمين من أن الوسواس له تأثير على عقيدة المسلم، ولكن يرى علماء السلف أن الوسواس ليس له تأثير فيما إذا عالجه المسلم ولم يسترسل معه ويفعل بسببه ما يؤثر من مؤثرات أخرى تقدح في عقيدته (١)، وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم تأثير الوسواس على العقيدة فقال: (الحمد لله الذي رد كيده للوسوسة) (٢)، وقال: (فإذا عرض لأحدكم فلينته) (٣) عن ابي هريرة "فإذا بلغه فاليستعذ بالله ولينتهي ".

فدل الحديث الأول على أن الوسواس من فعل الشيطان؛ الذي من طبيعته الوسوسة، ولذلك أمرنا الله تعالى بالاستعاذة منه فقال سبحانه في سورة الناس: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ* مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ) ثم ذكر المستعاذ منه فقال: (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ *الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) [الناس: ١ - ٦]. وأما الحديث الثاني فيدل على الأمر بعدم الاسترسال حتى لا يؤدي بالمسترسل إلى أمور محرمة، وهذا يدل على عدم تأثير الوسوسة على العقيدة؛ ما دام القلب مطمئن بالإيمان، قال ابن القيم رحمه الله: " وهذه الوسوسة قوة للقلب الحي ". (٤)

وعندما اشتكى الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلى الله عليه و وسلم ما كانوا يجدونه من الوسوسة؛ فقالوا: (إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به) قال: أوجدتموه؟ قالوا: نعم. قال لهم) ذاك صريح الإيمان) وفي رواية: محض


(١) السنة، ابن أبي عاصم، (١/ ٤٥٥ - ٤٥٩).
(٢) رواه أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم (٦٦٧)، من طريق إسحاق بن يوسف به، وسنده حسن رجاله رجال الصحيح. رواه البخاري في صحيحه برقم (٣٢٧٦) ومعلم رقم (١٣٤)
(٣) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، حديث رقم (٣١٠٢)، ومسلم في الإيمان باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها رقم (١٣٦).
(٤) إغاثة اللهفان، ابن القيم، (١٠/ ١٠)، كتاب الإيمان، ابن مندة، (١/ ٤٧١)

<<  <   >  >>