للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(١). (٢) وهذا يجعل خطورته أشد؛ حتى يصل بالمسلم إلى تشكيكه في خالقه قائلاً من خلق الله، ففي الصحيحين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا، حتى يقول له: من خلق ربك؟، وفي رواية أخرى: قال: (لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: فمن خلق الله؟) (٣).

وقد أخبرنا ربنا سبحانه وتعالى في كتابه أن للشيطان خطوات؛ لا يرضى ولا يتوقف حتى يوقع الإنسان في الكفر؛ فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: ٢٠٨]. قال ابن جرير رحمه الله: " اعملوا أيها المؤمنون بشرائع الإسلام كلها، وادخلوا في التصديق به قولا وعملا ودعوا طرائق الشيطان وآثاره أن تتبعوها فإنه لكم عدو مبين لكم عداوته. (٤)

وكما أن الشيطان يوسوس فكذلك، فإن النفس توسوس بالسوء، والنفس أمّارة بالسوء إلا من رحم الله كما قال الله سبحانه في سورة يوسف عليه السلام: (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) [يوسف: ٥٣]. قال السعدي رحمه الله: " {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} أي: لكثيرة الأمر لصاحبها بالسوء، أي: الفاحشة، وسائر الذنوب، فإنها مركب الشيطان، ومنها يُدْخَلُ على الإنسان {إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} فنجَّاه من نفسه الأمارة، حتى صارت نفسه مطمئنة إلى ربها، منقادة لداعي الهدى، متعاصِيّةٌ عن داعي الردى، فذلك ليس من النفس، بل من فضل الله ورحمته بعبده. (٥)


(١) سبق تخريجه، ص: ٢٤
(٢) عالم الجن والشياطين، عمر بن سليمان الأشقر، مكتبة الفلاح، الكويت، الطبعة الثانية، ١٤٠١ هـ (٢٢).
(٣) رواه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه، برقم (٦٣٦٦)، ورواه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، برقم (١٣٤).
(٤) جامع البيان عن تآويل آي القرآن، ابن جرير الطبري، (٢/ ١١٢٢).
(٥) تيسير الكريم المنان، السعدي، ص: (٤٠٠).

<<  <   >  >>