للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الإيمان (١). وفي رواية: (سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد الشيء لو خرّ من السماء؛ فتخطفه الطير كان أحب إليه مما يتكلم به؛ قال: ذاك محض الإيمان، أو صريح الإيمان). (٢)

قال النووي رحمه الله: " (ذلك صريح الإيمان، ومحض الإيمان) معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً وانتفت عنه الريبة والشكوك ". (٣)

وقال ابن القيم رحمه الله: " فهذا دليل صريح على الإيمان، بل هذا عمل قلبي قد زاد إيمان العبد ". (٤) " وقال البيضاوي (٥) قوله صلى الله الله عليه وسلم: (ذاك) إشارة إلى ما دل عليه قولهم (يتعاظم) أي: يتعاظم علمكم بفساد تلك الوساوس، وامتناع نفوسكم والتجافي عن التفوه به؛ صريح الإيمان ". (٦)

ومما يدل على أن الوسواس لا أثر له عند أهل السنة والجماعة؛ مالم يعمل العبد أو يتكلم (٧)؛ هو قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها؛ مالم يتكلموا أو يعملوا به) (٨).


(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها برقم (١٣٢).
(٢) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها برقم (١٣٢).
(٣) شرح مسلم، النووي، (١/ ٣١٨).
(٤) زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة- مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، ط ٣، ١٤٠٢ هـ، (٣/ ١٩)، الإيمان معالمه وسننه واستكمال درجاته، أبو عبيد القاسم بن سلام، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، دار الأرقم، ط ٢، الكويت، (٦٤).
(٥) القاضي عبد الله بن عمر البيضاوي، ولد في مدينة الدار البيضاء بفارس، وإليها نسبته، قرب شيراز، ولا تعلم سنة ولادته، وهو شافعي المذهب أشعري العقيدة، من مؤلفاته: أنوار التنزيل وأسرار التأويل - منهاج الأصول لعلم الأصول - شرح المحصول في أصول الفقه - منتهى المنى في شرح أسماء الله الحسنى _ وغيرها، توفي ببلاد فارس سنة ٦٨٥ هـ (تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة، عبد الله بن عمر البيضاوي، تحقيق: أ. د. محمد بن إسحاق بن محمد إبراهيم، ط ١، ١٤٢٠ هـ، الرياض (١٢ - ٢١).
(٦) تحفة الأبرار، البيضاوي، (١٣٧).
(٧) كتاب الإيمان، ابن مندة، (١/ ٤٧٥ - ٤٧٧).
(٨) رواه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب إذا حنث ناسيا في الأيمان، حديث رقم (٦٢٨٧) ورواه مسلم في كتاب الإيمان، باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر، حديث رقم (١٢٧).

<<  <   >  >>