للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من الباطل والسفه، ومن أمحل المحال التسلسل في المؤثرين والفاعلين، فإن المخلوقات لها ابتداء، ولها انتهاء. وقد تتسلسل في كثير من أمورها حتى تنتهي إلى الله الذي أوجدها وأوجد ما فيها من الصفات والمواد والعناصر {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: ٤٢] فإذا وصلت العقول إلى الله تعالى وقفت وانتهت، فإنه الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء. فأوليته تعالى لا مبتدأ لها مهما فرضت " (١). وكذلك إذا حصلت له الوسوسة، فليقطعها ويتوقف ولا يسترسل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته). (٢) قال ابن حجر: " فليستعذ بالله ولينته أي يترك التفكر في ذلك الخاطر ويستعيذ بالله إذا لم يزل عنه التفكر، الحكمة في ذلك ان العلم باستغناء الله تعالى عن كل ما يوسوسه الشيطان أمر ضروري لا يحتاج للاحتجاج والمناظرة فإن وقع شيء من ذلك فهو من وسوسة الشيطان وهي غير متناهية فمهما عورض بحجة يجد مسلكاً آخر من المغالطة والاسترسال فيضيع الوقت إن سلم من فتنته فلا تدبير في دفعه أقوى من الإلجاء إلى الله تعالى بالاستعاذة به. (٣)

٢ - أن يدفعه بما يضاده من الإيمان بالله ورسله، فيقول المسلم: آمنت بالله، أو يقول: الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد، لقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فمن وجد من ذلك شيئًا فليقل: (آمنت بالله)، وفي رواية: (آمنت بالله ورسله) (٤)، وقال عليه الصلاة والسلام: فإذا قال ذلك،


(١) بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار، عبد الرحمن بن ناصر السعدي، ط ٤، ١٤٢٣ هـ، وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، (١٨).
(٢) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، حديث رقم (٣١٠٢)، مسلم في الإيمان باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها رقم (١٣٦ (.
(٣) فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ، (١٣/ ٢٧٣).
(٤) رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، حديث رقم (١٣٤).

<<  <   >  >>