ولم ينقل عن أحد منهم أنه توقف عن القتال وهو طالب له في شيء من الأشهر الحرم وهذا يدل على إجماعهم على نسخ ذلك والله علم.
ومن عجائب الأشهر الحرم ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص: إنه ذكر عجائب الدنيا فعد منها بأرض عاد عمود نحاس عليه شجرة من نحاس فإذا كان في الأشهر الحرم قطر منها الماء فملؤا منه حياضهم وسقوا مواشيهم وزروعهم فإذا ذهب الأشهر الحرم انقطع الماء.
وقوله صلى الله عليه وسلم:"ورجب مضر" سمي رجب رجبا لأنه كان يرجب: أي يعظم كذا قال الأصمعي والمفضل والفراء وقيل: لأن الملائكة تترجب للتسبيح والتحميد فيه وفي ذلك حديث مرفوع إلا أنه موضوع وأما إضافته إلى مضر فقيل: لأن مضر كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك وقيل: بل كانت ربيعة تحرم رمضان وتحرم مضر رجبا فلذلك سماه رجب مضر رجبا فلذلك سماه رجب مضر وحقق ذلك بقوله الذي بين جمادى وشعبان وذكر بعضهم أن لشهر رجب أربعة عشر اسما: شهر الله ورجب ورجب مضر ومنصل الأسنة والأصم والأصب ومنفس ومطهر ومعلي ومقيم وهرم ومقشقش ومبريء وفرد وذكر غيره: أن له سبعة عشر اسما فزاد: رجم بالميم ومنصل الآلة وهي الحربة ومنزع الأسنة.
ويتعلق بشهر رجب أحكام كثيرة فمنها ما كان في الجاهلية واختلف العلماء في استمراره في الإسلام كالقتال وقد سبق ذكره وكالذبائح فإنهم كانوا في الجاهلية يذبحون ذبيحة يسمونها العتيرة واختلف العلماء في حكمها في الإسلام فالأكثرون على أن الإسلام أبطلها وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا فرع ولا عتيرة" ومنهم من قال: بل هي مستحبة منهم ابن سيرين وحكاه الإمام أحمد عن أهل البصرة ورجحه طائفة من أهل الحديث المتأخرين ونقل حنبل عن أحمد نحوه.
وفي سنن أبي داود والنسائي وابن ماجة عن خنف بن سليم الغامدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعرفة:"إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية أو عتيرة" وهي التي يسمونها الرجبية وفي النسائي عن نبيشة أنهم قالوا: يا رسول الله إنا كنا نعتر في الجاهلية يعني في رجب؟ قال:"اذبحوا لله في أي شهر كان وبروا لله وأطعموا" وروى الحرث بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الفرع والعتائر؟ فقال:"من شاء فرع ومن شاء لم يفرع ومن شاء عتر ومن شاء لم يعتر" وفي حديث آخر قال: "العتيرة حق" وفي النسائي عن أبي رزين قال: قلت يا رسول الله كنا.