وروى يوسف بن عطية عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم بعد رمضان إلا رجبا وشعبان ويوسف ضعيف جدا وروى أبو يوسف القاضي عن ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام وربما أخر ذلك حتى يقضيه في رجب وشعبان ورواه عمرو بن أبي قيس عن ابن أبي ليلى فلم يذكر فيه رجبا وهو أصح.
وأما الزكاة فقد اعتاد أهل هذه البلاد إخراج الزكاة في شهر رجب ولا أصل لذلك في السنة ولا عرف عن أحد من السلف ولكن روي عن عثمان أنه خطب الناس على المنبر فقال: إن هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد دينه وليزك ما بقي خرجه مالك في الموطأ وقد قيل: إن ذلك الشهر الذي كانوا يخرجون فيه زكاتهم نسي ولم يعرف وقيل: بل كان شهر المحرم لأنه رأس الحول وقد ذكر الفقهاء من أصحابنا وغيرهم أن الإمام يبعث سعاته لأخذ الزكاة في المحرم وقيل بل كان شهر رمضان لفضله وفضل الصدقة فيه.
وبكل حال فإنما تجب الزكاة إذا تم الحول على النصاب فكل أحد له حول يخصه بحسب وقت ملكه للنصاب فإذا تم حوله وجب عليه إخراج زكاته في أي شهر كان فإن عجل زكاته قبل الحول أجزأه عند جمهور العلماء وسواء كان تعجيله لاغتنام زمان فاضل أو لاغتنام الصدقة على من لا يجد مثله في الحاجة أو كان لمشقة إخراج الزكاة عليه عند تمام الحول جملة فيكون التفريق في طول الحول أرفق به وقد صرح مجاهد بجواز التعجيل على هذا الوجه وهو مقتضى إطلاق الأكثرين وخالف في هذه الصورة اسحاق نقله عنه ابن منصور وأما إذا حال الحول فليس له التأخير بعد ذلك عند الأكثرين وعن أحمد يجوز تأخيرها لانتظار قوم لا يجد مثلهم في الحاجة وأجاز مالك وأحمد في رواية نقلها إلى بلد فاضل فعلى قياس هذا لا يبعد جواز تأخيرها إلى زمان فاضل لا يوجد مثله كرمضان ونحوه وروى يزيد الرقاشي عن أنس: أن المسلمين كانوا يخرجون زكاتهم في شعبان تقوية على الإستعداد لرمضان وفي الإسناد ضعف.
وأما الإعتمار في رجب فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب فأنكرت ذلك عائشة عليه وهو يسمع فسكت واستحب الإعتمار في رجب عمر بن الخطاب وغيره وكانت عائشة تفعله وابن عمر أيضا ونقل ابن سيرين عن السلف أنهم كانوا يفعلونه فإن أفضل الانساك أن يؤتى بالحج في سفرة والعمرة في سفرة.