أخرى في غير أشهر الحج وذلك جملة إتمام الحج والعمرة المأمور به كذلك قاله جمهور الصحابة: كعمر وعثمان وعلي وغيرهم.
وقد روي: أنه في شهر رجب حوادث عظيمة ولم يصح شيء من ذلك فروي: أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد في أول ليلة منه وأنه بعث في السابع والعشرين منه وقيل: في الخامس والعشرين ولا يصح شيء من ذلك وروى بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد: أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم كان في سابع وعشرين من رجب وانكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره وروي عن قيس بن عباد قال: في اليوم العاشر من رجب: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}[الرعد: ٣٩] .
وكان أهل الجاهلية يتحرون الدعاء فيه على الظالم وكان يستجاب لهم ولهم في ذلك أخبار مشهورة قد ذكرها ابن أبي الدنيا في كتاب مجاب الدعوة وغيره وقد ذكر ذلك لعمر بن الخطاب فقال عمر: إن الله كان يصنع بهم ذلك ليحجز بعضهم عن بعض وإن الله جعل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر وروى زائدة بن أبي الرقاد عن زياد التميمي عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان" وروي عن أبي إسماعيل الأنصاري أنه قال: لم يصح في فضل رجب غير هذا الحديث وفي قوله نظر فإن هذا الإسناد فيه ضعف وفي هذا الحديث دليل على استحباب الدعاء بالبقاء إلى الأزمان الفاضلة لإدراك الأعمال الصالحة فيها فإن المؤمن لا يزيده عمره إلا خيرا وخير الناس من طال عمره وحسن عمله وكان السلف يستحبون أن يموتوا عقب عمل صالح من صوم رمضان أو رجوع من حج وكان يقال: من مات كذلك غفر له كان بعض العلماء الصالحين قد مرض قبل شهر رجب فقال: إني دعوت الله أن يؤخر وفاتي إلى شهر رجب فإنه بلغني أن لله فيه عتقاء فبلغه الله ذلك ومات في شهر رجب.
شهر رجب مفتاح أشهر الخير والبركة قال أبو بكر الوراق البلخي: شهر رجب شهر للزرع وشعبان شهر السقي للزرع ورمضان شهر حصاد الزرع وعنه قال: مثل شهر رجب مثل الريح ومثل شعبان مثل الغيم ومثل رمضان مثل القطر وقال بعضهم: السنة مثل الشجرة وشهر رجب أيام توريقها وشعبان أيام تفريعها ورمضان أيام قطفها والمؤمنون قطافها جدير بمن سود صحيفته بالذنوب أن يبيضها بالتوبة في هذا الشهر وبمن ضيع عمره في البطالة أن يغتنم فيه ما بقي من العمر.