وليقم في ظلمة الليل ... إلى نور القرآن
وليصل صوما بصوم ... إن هذا العيش فاني
إنما العيش جوار الله ... في دار الأمان
الطبقة الثانية من الصائمين: من يصوم في الدنيا عما سوى الله فيحفظ الرأس وما حوى ويحفظ البطن وما وعى ويذكر الموت والبلى ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه وفرحه برؤيته:
أهل الخصوص من الصوام صومهم ... صون اللسان عن البهتان والكذب
والعارفون وأهل الإنس صومهم ... صون القلوب عن الأغيار والحجب
العارفون لا يسليهم عن رؤية مولاهم قصر ولا يرويهم دون مشاهدته نهر هممهم أجل من ذلك:
كبرت همة عبد ... طمعت في أن تراك
من يصم عن مفطرات ... فصيامي عمن سواك
من صام عن شهواته في الدنيا أدركها غدا في الجنة ومن صام عما سوى الله فعيده يوم لقائه {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ} [العنكبوت: ٥] .
وقد صمت عن لذات دهري كلها ... ويوم لقاكم ذاك فطر صيامي
رؤي بشر في المنام فسئل عن حاله؟ فقال: علم قلة رغبتي في الطعام فأباحني النظر إليه وقيل لبعضهم: أين نطلبك في الآخرة؟ قال: في زمرة الناظرين إلى الله قيل له: كيف علمت ذلك؟ قال: بغض طرفي له عن كل محرم وباجتنابي فيه كل منكر ومأثم وقد سألته أن يجعل جنتي النظر إليه.
يا حبيب القلوب مالي سواكا ... ارحم اليوم مذنبا قد أتاكا
"ليس لي في الجنان مولاي رأي ... غير أني أريدها لأراكا
يا معشر التائبين صوموا اليوم عن شهوات الهوى لتدركوا عيد الفطر يوم اللقاء لا يطولن عليكم الأمل باستبطاء الأجل فإن معظم نهار الصيام قد ذهب وعيد اللقاء قد اقترب.
إن يوما جامعا شملي بهم ... ذاك عيدي ليس لي عيد سواه
وقوله: "ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك": خلوف الفم: