في ليلة سبع وعشرين من استطاع منكم أن يؤخر فطره فليفعل وليفطر على ضياح لبن: ورواه بعضهم عن أبي بن كعب مرفوعا ولا يصح وضياح اللبن: وروي: ضيح ـ الضاد المعجمة والياء آخر الحروف ـ هو اللبن الخاثر الممزوج بالماء وروى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده عن علي قال: إن وافق ليلة القدر وهو يأكل أورثه داء لا يفارقه حتى يموت وخرجه من طريقه أبو موسى المديني وكأنه يريد إذا وافق دخولها أكله والله أعلم.
ومنها: اغتساله بين العشاءين: وقد تقدم من حديث عائشة واغتسل بين الأذانين والمراد أذان المغرب والعشاء وروي من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بين العشاءين كل ليلة يعني من العشر الأواخر وفي إسناده ضعف وروي عن حذيفة أنه قام مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من رمضان فاغتسل النبي صلى الله عليه وسلم وستره حذيفة وبقيت فضلة فاغتسل بها حذيفة وستره النبي صلى الله عليه وسلم خرجه ابن أبي عاصم وفي رواية أخرى عن حذيفة قال: نام النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من رمضان في حجرة من جريد النخل فصب عليه دلو من ماء.
وقال ابن جرير: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر فأمر ذر بن حبيش بالاغتسال ليلة سبع وعشرين من رمضان وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه إذا كان ليلة أربع وعشرين اغتسل وتطيب ولبس حلة إزار أو رداء فإذا أصبح طواهما فلم يلبسهما إلى مثلها من قابل وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين ويلبس ثوبين جديدين ويستجمر ويقول: ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة والتي تليها ليلتنا يعني البصريين وقال حماد بن سلمة: كان ثابت البناني وحميد الطويل يلبسان أحسن ثيابهما ويتطيبان ويطيبون المسجد بالنضوح والدخنة في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر وقال ثابت: كان لتميم الداري حلة اشتراها بألف درهم وكان يلبسها في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين والتطيب بالغسل والطيب واللباس الحسن كما يشرع ذلك في الجمع والأعياد وكذلك يشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات كما قال تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف: ٣١] وقال ابن عمر: الله أحق أن يتزين له وروي عنه مرفوعا:
ولا يكمل التزين الظاهر إلا بتزين الباطن بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى.