الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: ١, ٣] واختلف في ليلة القدر والحكمة في نزول الملائكة في هذه الليلة: إن الملوك والسادات لا يحبون أن يدخل دارهم أحد حتى يزينون دارهم بالفرش والبسط ويزينوا عبيدهم بالثياب والأسلحة فإذا كان ليلة القدر أمر الرب تبارك وتعالى الملائكة بالنزول إلى الأرض لأن العباد زينوا أنفسهم بالطاعات بالصوم والصلاة في ليالي رمضان ومساجدهم بالقناديل والمصابيح فيقول الرب تعالى: أنتم طعنتم في بني آدم وقلتم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا}[البقرة: ٣٠] الآية فقلت لكم: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ}[البقرة: ٣٠] اذهبوا إليهم في هذه الليلة حتى تروهم قائمين ساجدين راكعين لتعلموا أني اخترتهم على علم على العالمين.
قال مالك: بلغني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل الذي بلغه غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خيرا من ألف شهر وروي عن مجاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح ألف شهر فعجب المسلمون من ذلك فأنزل الله هذه السورة {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}[القدر:٣] الذي لبس فيها ذلك الرجل في سبيل الله ألف شهر وقال النخعي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" وفي المسند عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وفي المسند والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في شهر رمضان: "فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم" قال جويبر: قلت للضحاك: أرأيت النفساء والحائض والمسافر والنائم لهم في ليلة القدر نصيب؟ قال: نعم كل من تقبل الله عمله سيعطيه نصيبه من ليلة القدر.
إخواني المعول على القبول لا على الاجتهاد والاعتبار ببر القلوب لا بعمل الأبدان رب قائم حظه من قيامه السهر كم من قائم محروم وكم من نائم مرحوم نام وقلبه ذاكر وهذا قام وقلبه فاجر.
إن المقادير إذا ساعدت ... ألحقت النائم بالقائم
لكن العبد مأمور بالسعي في اكتساب الخيرات والاجتهاد في الأعمال.