الفلاح ليلة ثمان وعشرين وهي الثالثة مما يبقى وقد قيل: إن ذلك من تصرف بعض الرواة بما فهمه من المعنى والله أعلم.
وعلى قياس من حسب الليالي الباقية من الشهر على تقدير نقصان الشهر فينبغي أن يكون عنده أول العشر الأواخر ليلة العشرين لاحتمال أن يكون الشهر ناقصا فلا يتحقق كونها عشر ليال بدون إدخال ليلة العشرين فيها وقد يقال: بل العشر الأواخر عبارة عما بعد انقضاء العشرين الماضية من الشهر وسواء كانت تامة أو ناقصة فهي المعبر عنها بالعشر الأواخر وقيامها هم قيام العشر الأواخر وهذا كما يقال: صام عشر ذي الحجة وإنما صام منه تسعة أيام ولهذا كان ابن سيرين يكره أن يقال: صام عشر ذي الحجة وقال: إنما يقال: صام التسع ومن لم يكره وهم الجمهور فقد يقولون: الصيام المضاف إلى العشر هو صيام ما يمكن منه وهو ما عدا يوم النحر ويطلق على ذلك العشر لأنه أكثر العشر والله أعلم.
وقد اختلف الناس في ليلة القدر كثيرا فحكى عن بعضهم أنها رفعت وحديث أبي ذر يرد ذلك وروي عن محمد بن الحنفية أنها في كل سبع سنين مرة وفي إسناده ضعف وعن بعضهم أنها في كل السنة حكي عن ابن مسعود وطائفة من الكوفيين وروي عن أبي حنيفة وقال الجمهور: هي في رمضان كل سنة ثم منهم من قال: هي في الشهر كله وحكي عن بعض المتقدمين: أنها أول ليلة منه وقالت طائفة: هي في النصف الثاني منه وقد حكي عن أبي يوسف ومحمد وقد تقدم قول من قال: إنها ليلة بدر على اختلافهم هي ليلة سبع عشرة أو تسع عشرة.
وقال الجمهور: هي منحصرة في العشر الأواخر واختلفوا في أي ليالي العشر أرجى فحكي عن الحسن ومالك أنها تطلب في جميع ليال العشر أشفاعه وأوتاره ورجحه بعض أصحابنا وقال: لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "التمسوها في تاسعة تبقى أو سابعة تبقى أو خامسة تبقى" إن حملناه على تقدير كمال الشهر كانت أشفاعا وإن حملناه على ما بقي منه حقيقة كان الأمر موقوفا على كمال الشهر فلا يعلم قبله فإن كان تاما كانت الليالي المأمور بها بطلبها أشفاعا وإن كان ناقصا كانت أوتارا فيوجب ذلك الإجتهاد في القيام في كلا الليلتين الشفع منها والوتر وقال الأكثرون: بل بعض لياليه أرجى من بعض وقالوا: الأوتار أرجى في الجملة ثم اختلفوا أي الأوتار أرجى: فمنهم من قال: ليلة إحدى وعشرين وهو المشهور عن الشافعي لحديث أبي سعيد الخدري وقد ذكرناه فيما سبق وحكي