مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [لأعراف: ٥٦] وقال الله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ}[لأعراف: ١٥٦] فيفاض على المتقين في أول الشهر خلع الرحمة والرضوان ويعامل أهل الإحسان بالفضل والإحسان وأما أوسط الشهر فالأغلب عليه المغفرة فيغفر فيه للصائمين وإن ارتكبوا بعض الذنوب الصغائر فلا يمنعهم من المغفرة كما قال الله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ}[الرعد: ٦] وأما آخر الشهر فيعتق من النار من أوبقته الأوزار واستوجب النار بالذنوب الكبار.
وفي حديث ابن عباس المرفوع:" لله في كل ليلة من شهر رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من النار كلهم قد استوجبوا النار فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بعدد ما أعتق من أول الشهر إلى آخره".
وخرجه سلمة بن شبيب وغيره وإنما كان يوم الفطر من رمضان عيدا لجميع الأمة لأنه تعتق فيه أهل الكبائر من الصائمين من النار فيلتحق فيه المذنبون بالأبرار كما أن يوم النحر هو العيد الكبر لأن قبله يوم عرفة وهو اليوم الذي لا يرى في يوم من الدنيا أكثر عتقا من النار منه فمن أعتق من النار في اليومين فله يوم عيد ومن فاته العتق في اليومين فله يوم وعيد.
ليس عيد المحب قصد المصلى ... وانتظار الأمير والسلطان
إنما العيد أن تكون لدى الله ... كريما مقربا في أمان
ورؤي بعض العارفين ليلة عيد في فلاة يبكي على نفسه وينشد:
بحرمة غربتي كم ذا الصدود ... ألا تعطف على ألا تجود
سرور العيد قد عم النواحي ... وحزني في ازدياد لا يبيد
فإن اقترفت خلال سوء ... فعذري في الهوى أن لا أعود
لما كانت المغفرة والعتق كل منهما مرتبا على صيام رمضان وقيامه أمر الله سبحانه وتعالى عند إكمال العدة بتكبيره وشكره فقال:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[البقرة: ١٨٥] فشكر من أنعم على عباده بتوفيقهم للصيام وإعانتهم عليه ومغفرته لهم وعتقهم من النار أن يذكروه ويشكروه ويتقوه حق تقاته وقد فسر ابن مسعود رضي الله عنه تقواه حق تقواه بأن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر فيا أرباب الذنوب العظيمة الغنيمة الغنيمة في هذه الأيام الكريمة فما منها عوض ولا لها قيمة فكم يعتق فيها من النار من ذي.