للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحج كما قال طاوس وأبو الشعثاء وقال الحسن أيضا ومنهم من رجح الصداقة وهو قول النخعي ومنهم من قال: إن كان ثم رحم محتاجه أو زمن مجاعة فالصدقة وإلا فالحج وهو نص أحمد وروي عن الحسن معناه وإن صلة الرحم والتنفيس عن المكروب أفضل من التطوع بالحج وفي كتاب عبد الرزاق بإسناد ضعيف عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل حج فأكثر أيجعل نفقته في صلة أو عتق؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "طواف سبع لا لغو فيه يعدل رقبة" وهذا يدل على تفضيل الحج.

واستدل من رأى ذلك أيضا بأن النفقة في الحج أفضل من النفقة في سبيل الله وفي مسند الإمام أحمد عن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف" وخرجه الطبراني من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "النفقة في سبيل الله الدرهم فيه بسبعمائة" ويدل عليه قوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ*وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٥, ١٩٦] ففيه دليل على أن النفقة في الحج والعمرة تدخل في جملة النفقة في سبيل الله وقد كان بعض الصحابة جعل بعيره في سبيل الله فأرادت امرأته أن تحج عليه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "حجي عليه فإن الحج في سبيل الله" وقد خرجه أهل المسانيد والسنن من وجوه متعددة وذكره البخاري تعليقا وهذا يستدل به على أن الحج يصرف فيه من سهم سبيل الله المذكور في آية الزكاة كما هو أحد قولي العلماء فيعطى من الزكاة من لم يحج ما يحج به في اعطائه لحج التطوع اختلاف بينهم أيضا.

وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: "إيمان بالله وحده ثم الجهاد ثم حجة برة تفضل سائر الأعمال ما بين مطلع الشمس إلى مغربها" وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" فمغفرة الذنوب بالحج ودخول الجنة به مرتب على كون الحج مبرورا.

وإنما يكون مبرورا باجتماع أمرين قيه:

أحدهما: الإتيان فيه بأعمال البر والبر يطلق بمعنيين:

أحدهما: بمعنى الإحسان إلى الناس كما يقال البرو الصلة وضده العقوق وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن البر؟ فقال: "حسن الخلق" وكان ابن.

<<  <   >  >>