النبي صلى الله عليه وسلم:"ذهب المفطرون اليوم بالأجر" وروي أنه صلى الله عليه وسلم كان في سفر فرأى رجلا صائما فقال له: "ما حملك على الصوم في السفر"؟ فقال: معي ابناي يرحلان بي ويخدماني فقال له "ما زال لهما الفضل عليك" وفي مراسيل أبي داود عن أبي قلابة رضي الله عنه قال: قدم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر يثنون على صاحب لهم قالوا: ما رأينا مثل فلان قط ما كان في مسير إلا كان في قراءة ولا نزلنا منزلا إلا كان في صلاة قال: "فمن كان يكفيه ضيعته"؟ حتى ذكر ومن كان يعلف دابته؟ قالوا: نحن قال: " فكلكم خير منه".
وقال مجاهد: صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني وكان كثير من السلف يشترط على أصحابه في السفر أن يخدمهم اغتناما لأجر ذلك منهم: عامر بن عبد قيس وعمرو بن عتبة بن فرقد مع اجتهادهما في العبادة في أنفسهما وكذلك كان إبراهيم بن أدهم يشترط على أصحابه في السفر الخدمة والأذان وكان رجل من الصالحين يصحب إخوانه في سفر الجهاد وغيره فيشترط عليهم أن يخدمهم فكان إذا رأى رجلا يريد أن يغسل ثوبه قال له: هذا من شرطي فيغسله وإذا رأى من يريد أن يغسل رأسه قال: هذا من شرطي فيغسله فلما مات نظروا في يده فإذا فيها مكتوب من أهل الجنة فنظروا إليها فإذا هي كتابة بين الجلد واللحم.
وترافق بهيم العجلي وكان من العبادين البكائين ورجل تاجر موسر في الحج فلما كان يوم خروجهم للسفر بكى بهيم حتى قطرت دموعه على صدره ثم قطرت على الأرض وقال: ذكرت بهذه الرحلة الرحلة إلى الله ثم علا صوته بالنحيب فكره رفيقه التاجر منه ذلك وخشي أن يتنغص عليه سفره ومعه بكثرة بكائه فلما قدما من الحج جاء الرجل الذي رافق بينهما إليه ليسلم عليهما فبدأ بالتاجر فسلم عليه وسأله عن حله مع بهيم فقال له: والله ظننت إن في هذا الخلق مثله كان والله يتفضل علي في النفقة وهو معسر وأنا موسر ويتفضل علي في الخدمة وهو شيخ ضعيف وأنا شاب ويطبخ لي وهو صائم وأنا مفطر فسأله عما كان يكرهه من كثرة بكائه فقال: والله ألفت ذلك البكاء وأشرب حبه قلبي حتى كنت أساعده عليه حتى تأذى بنا الرفقة ثم ألفوا ذلك فجعلوا إذا سمعونا نبكي بكوا ويقول بعضهم لبعض: ما الذي جعلهما أولى بالبكاء منا والمصير واحد فجعلوا والله يبكون ونبكي ثم خرج من عنده فدخل على بهيم فسلم عليه وقال له: كيف رأيت صاحبك قال: خير صاحب كثير الذكر لله طويل التلاوة