للقرآن سريع الدمعة متحمل لهفوات الرفيق فجزاك الله عني خيرا.
وكان ابن المبارك يطعم أصحابه في الأسفار أطيب الطعام وهو صائم وكان إذا أراد الحج من بلده مر وجمع أصحابه وقال: من يريد منكم الحج فيأخذ منهم نفقاتهم فيضعها عنده في صندوق ويقفل عليه ثم يحملهم وينفق عليهم أوسع النفقة ويطعمهم أطيب الطعام ثم يشتري لهم من مكة ما يريدون من الهدايا والتحف ثم يرجع بهم إلى بلده فإذا وصلوا صنع لهم طعاما ثم جمعهم عليه ودعا بالصندوق الذي فيه نفقاتهم فرد إلى كل واحد نفقته.
المعنى الثاني: مما يراد بالبر: فعل الطاعات كلها وضده الإثم وقد فسر الله تعالى البر بذلك في قوله: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ}[البقرة: ١٧٧] الآية فتضمنت الآية: أن أنواع البر ستة أنواع من استكملها فقد استكمل البر:
أولها: الإيمان بأصول الإيمان الخمسة.
وثانيها: إيتاء المال المحبوب لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب.
وثالثها: إقام الصلاة.
ورابعها: إيتاء الزكاة.
وخامسها: الوفاء بالعهد.
وسادسها: الصبر على البأساء والضراء وحين البأس.
وكلها يحتاج الحاج إليها فإنه لا يصح حجه بدون الإيمان ولا يكمل حجه ويكون مبرورا بدون إقام الصلاة وإيتاء الزكاة فإن أركان الإسلام بعضها مرتبطة ببعض فلا يكمل الإيمان والإسلام حتى يؤتي بها كلها ولا يكمل بر الحج بدون الوفاء بالعهود في المعاقدات والمشاركات المحتاج إليها في سفر الحج وإيتاء المال المحبوب لمن يحب الله إيتاءه ويحتاج مع ذلك إلى الصبر على ما يصيبه من المشاق في السفر فهذه خصال البر ومن أهمها للحاج: إقام الصلاة فمن حج من غير إقام الصلاة لا سيما إن كان حجه تطوعا كان بمنزلة من سعى في ربح درهم وضيع رأس ماله وهو ألوف كثيرة وقد كان السلف يواظبون في الحج على نوافل الصلاة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب على قيام الليل على راحلته في أسفاره كلها ويؤثر عليها وحج مسروق فما نام إلا ساجدا وكان محمد بن واسع يصلي في