وأجاب كثير من أهل القول الأول: بأنه يجمع بين الحديثين فيؤخذ بحديث أم سلمة فيمن يريد أن يضحي في مصره ويبحديث عائشة فيمن أرسل بهديه مع غيره وأقام في بلده وكان ابن عمر إذا ضحى يوم النحر حلق رأسه ونص أحمد على ذلك.
واختلف العلماء في التعريف بالأمصار عشية عرفة وكان الإمام أحمد لا يفعله ولا ينكر على من فعله لأنه روي عن ابن عباس وغيره من الصحابة وأما مشاركتهم لهم في الذاكرة في الأيام المعلومات فإنه يشرع للناس كلهم الإكثار من ذكر الله في أيام العشر خصوصا وقد سبق حديث ابن عمر المرفوع:"فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" واختلف العلماء هل يشرع إظهار التكبير والجهر به في الأسواق في العشر؟ فأنكره طائفة واستحبه أحمد والشافعي لكن الشافعي خصه بحال رؤية بهيمة الأنعام وأحمد يستحبه مطلقا.
وقد ذكر البخاري في صحيحه عن ابن عمر وأبي هريرة أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ورواه أبو داود حدثنا سلام أبو المنذر عن حميد الأعرج عن مجاهد قال كان أبي هريرة وابن عمر يأتيان السوق أيام العشر فيكبران ويكبر الناس معهما ولا يأتيان لشيء إلا لذلك وروى جعفر الفريابي في كتاب العيدين: حدثنا إسحاق بن راهويه أخبرنا جرير عن يزيد بن أبي زياد قال رأيت سعيد بن جبير ومجاهدا وعبد الرحمن بن أبي ليلى أو اثنين من هؤلاء الثلاثة وما رأينا من فقهاء الناس يقولون في أيام العشر: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
لما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنينا إلى مشاهدة بيته الحرام وليس كل أحد قادرا على مشاهدته في كل عام فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره وجعل موسم العشر مشتركا بين السائرين والقاعدين فمن عجز عن الحج في عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته يكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج.