للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخائفين بعرفة إلى أن قرب غروب الشمس فنادى الأمان فقد دنا الإنصراف فليت شعري ما صنعت في حاجة المساكين.

وإني من خوفكم والرجا ... أرى الموت والعيش منكم عيانا

فمنوا على تائب خائف ... أتاكم ينادي الأمان الأمانا

إذا طلب الأسير من الملك الكريم أمنه أمنه.

الأمان الأمان وزري ثقيل ... وذنوبي إذا عددن تطول

أوبقتني وأوثقتني ذنوبي ... فترى لي إلى الخلاص سبيل

وقف بعض الخائفين بعرفة فمنعه الحياء من الدعاء فقيل له: لم لا تدعو؟ فقال: ثم وحشة فقيل له: هذا يوم العفو عن الذنوب فبسط يديه ووقع ميتا.

جز أيها الحادي إلى نعمان ... فاستذكرت عهدا لها بالبان

فسألت الروح من الأجفان ... تشوقا إلى الزمان الفاني

غيره:

قد لج من الغرام حتى قالوا ... قد جن فيهم وهكذا البلبال

الموت إذا رضيته سلسال ... في مثل هواك ترخص الآجال

وقف بعض الخائفين بعرفات وقال: إلهي الناس يتقربون إليك بالبدن وأنا أتقرب إليك بنفسي ثم خر ميتا.

للناس حج ولي حج إلى سكني ... تهدي الأضاحي وأهدي مهجتي ودم

ما يرضى المحبون لمحبوبهم بإراقة دماء الهديا وإنما يهدون له الأرواحا.

أرى موسم الأعياد أنس الحبائب ... وما العبد عندي غير قرب الحبائب

إذا قربوا بدنا فقرباني الهوى ... فإن قبلوا قلبي وإلا فقالبي

وما بدم الأنعام أقضي حقوقهم ... ولكن بما بين الحشا والترائب

كان أبو عبيدة الخواص قد غلب عليه الشوق والقلق حتى يضرب على صدره في الطريق ويقول: واشوقاه إلى من يراني ولا أراه وكان بعد ما كبر يأخذ بلحيته ويقول: يا رب قد كبرت فاعتقني ورؤي بعرفة وقد ولع به الوله وهو يقول:

سبحان من لو سجدنا بالعيون له ... على حمى الشوك والمحمى من الإبر

<<  <   >  >>