للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورؤية أعماله من خير أو شر وما يبشر به عند ذلك من الجنة والنار هذا مع ما يلقاه من شدة الموت وكربه وغصصه وفي الحديث الصحيح: "إذا حملت الجنازة وكانت صالحة قالت: قدموني قدموني وإن كانت غير ذلك قالت: يا ويلها أين تذهبون بها يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق" قال الحسن: لو أعلم ابن آدم أن له في الموت راحة وفرحا لشق عليه أن يأتيه الموت لما يعلم من فظاعته وشدته وهوله فكيف وهو لا يعلم ما له في الموت نعيم دائم أو عذب مقيم.

بكى النخعي عند احتضاره وقال: انتظر ملك الموت لا أدري يبشرني بالجنة أو النار فالمتمني للموت كأنه يستعجل حلول البلاء وإنما أمرنا بسؤال العافية وسمع ابن عمر رجلا يتمنى الموت فقال: لا تتمنى الموت فإنك ميت ولكن سل الله العافية قال إبراهيم بن أدهم: إن للموت كأسا لا يقوى عليها إلا خائف وجل مطيع لله كان يتوقعها وقال أبو العتاهية:

ألا للموت كأس أي كأس ... وأنت لكأسه لا بد حاسي

إلى كم والممات إلى قريب ... تذكر بالممات وأنت ناسي

جزع الحسن بن علي رضي الله عنهما عند موته وقال: إني أريد أن أشرف على ما لم أشرف عليه قط وبكى الحسن البصري عند موته وقال: نفيسة ضعيفة وأمر مهول عظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون وكان حبيب العجمي عند موته يبكي ويقول: أريد أن أسافر سفرا ما سافرته قط وأسلك طريقا ما سلكته قط وأزور سيدي ومولاي وما رأيته قط وأشرف على أهوال ما شاهدتها قط فهذا كله من هول المطلع الذي قطع قلوب الخائفين حتى قال عمر عند موته: لو أن لي ما في الأرض لافتديت به من هول المطلع ومن هول المطلع ما يكشف للميت عند نزوله قبره من فينة القبر فإن الموتى يفتنون بالمسألة في قبورهم مثل أو قريبا من فتنة المسيح الدجال وما يكشف لهم في قبورهم عن منازلهم من الجنة والنار وما يلقون من ضمة القبر وضيقته وهوله وعذابه إن لم يعاف الله من ذلك.

رؤي بعض الصالحين في المنام بعد موته فسئل عن حاله فأنشد:

وليس يعلم ما في القبر داخله ... إلا الإله وساكن الأجداث

والعلة الثانية: أن المؤمن لا يزيد عمره إلا خيرا فمن سعادته أن يطول عمره ويرزقه الله الإنابة إليه والتوبة من ذنوبه السالفة والإجتهاد في العمل الصالح فإذا

<<  <   >  >>