للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألم تعلم أن الحساب أمامكم ... وأن وراءكم طالبا ليس يسأم

فخافوا لكيما تأمنوا بعد موتكم ... ستلقون ربا عادلا ليس يظلم

فليس لمغرور بدنياه راحة ... سيندم إن زلت له النعل فاعلموا

الموتى في قبورهم يتحسرون على زيادة في أعمالهم بتسبيحة وبركعة ومهم من يسأل الرجعة إلى الدنيا لذلك فلا يقدرون على ذلك قد حيل بينهم وبين العمل غلقت منهم الرهون ورؤي بعضهم في المنام فقال: ندمنا على أمر عظيم نعلم ولا نعمل وأنتم تعملون ولا تعلمون والله لتسبيحة أو تسبيحتان أو ركعة أو ركعتان في صحيفة أحدنا أحب إليه من الدنيا وما فيها.

قال بعض السلف: كل يوم يعيش فيه المؤمن غنيمة وقال بعضهم بقية عمر المؤمن لا قيمة له يعني أنه يمكنه أن يمحو فيه ما سلف منه من الذنوب بالتوبة وأن يجتهد فيه في بلوغ الدرجات العالية بالعمل الصالح فأما من فرط في بقية عمره فإنه خاسر فإن ازداد فيه من الذنوب فذلك هو الخسران المبين الأعمال بالخواتيم من أصلح فيما بقي غفر له ما مضى ومن أساء فيما بقي أخذ بما بقي وما مضى.

يا بائع عمره مطيعا أمله ... في معصية الله كفعل الجهلة

إن ساومك الجهل باقيه فقل ... باقي عمر المؤمن لا قيمة له

ما مضى من العمر وإن طالت أوقاته فقد ذهب لذاته وبقيت تبعاته وكأنه لم يكن إذا جاء الموت وميقاته قال الله عز وجل: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ*ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ، مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: ٢٠٥, ٢٠٧] تلا بعض السلف هذه الآية وبكى وقال: إذا جاء الموت لم يغن عن المرء ما كان فيه من اللذة والنعيم وفي هذا المعنى ما أنشده أبو العتاهية للرشيد حين بنى قصره واستدعى إليه ندماءه.

عش ما بدا لك سالما ... في ظل شاهقة القصور

يسعى عليك بما اشتهيت ... لدى الرواح وفي البكور

فإذا النفوس تقعقعت ... في ضيق حشرجة الصدور

فهناك تعلم موقنا ... ما كنت إلا في غرور

وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أعذر الله إلى من بلغه ستين من

<<  <   >  >>