في برية حيث لا يراه أحد فيقوم فيصلي فيقول الله لملائكته: أرى عبدي هذا يعلم أن له ربا يغفر الذنب فانظروا ما يطلب؟ فتقول الملائكة: إي رب رضاك ومغفرتك فيقول: اشهدوا أني قد غفرت له ورجل يقوم من الليل فيقول الله عز وجل: أليس قد جعلت الليل سكنا والنوم سباتا فقام عبدي هذا يصلي ويعلم أن له ربا فيقول الله لملائكته: انظروا ما يطلب عبدي هذا؟ فتقول الملائكة: يا رب رضاك ومغفرتك فيقول: اشهدوا أني قد غفرت له" وذكر الثالث: الذي يكون في فئة فيفر أصحابه ويثبت هو وهو مذكور أيضا في كل الأحاديث المتقدمة.
وفي المسند وصحيح ابن حبان عن عقبة عن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رجلان من أمتي يقوم أحدهما من الليل يعالج نفسه إلى الطهور وعليه عقد فيتوضأ فإذا وضأ يديه انحلت عقدة وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة وإذا مسح رأسه انحلت عقدة وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة فيقول الرب عز وجل للذين وراء الحجاب: انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه ما سألني عبدي هذا فهو له" وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نعم الرجل عبد الله ـ يعني ابن عمر ـ لو كان يصلي من الليل" فكان عبد الله لا ينام بعد ذلك من الليل إلا قليلا.
كان أبو ذر رضي الله عنه يقول للناس: أرأيتم لو أن أحدكم أراد سفرا أليس يتخذ من الزاد ما يصلحه ويبلغه؟ قالوا: بلى قال: فسفر طريق القيامة أبعد فخذوا له ما يصلحكم حجوا حجة لعظائم الأمور صوموا يوما شديدا حره لحر يوم النشور صلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور تصدقوا بصدقة لشر يوم عسير أين رجال الليل أين الحسن وسفيان قال:
يارجل الليل جدوا ... رب داع لا يرد
ما يقوم الليل إلا ... من له عزم وجد
ليس شيء كصلاة ... الليل للقبر يعد
صلى كثير من السلف صلاة الصبح بوضوء العشاء عشرين سنة ومنهم من صلى كذلك أربعين سنة قال بعضهم: منذ أربعين سنة ما أحزنني إلا طلوع الفجر قال ثابت: كابدت قيام الليل عشرين سنة وتنعمت به عشرين سنة أخرى.
أفضل قيام الليل وسطه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل القيام قيام داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الصارخ يقوم