وقد تحدث أحيانا حوادث غير معتادة تذكر بالنار كالصواعق والريح الحارة المحرقة للزرع قال الله تعالى:{وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ}[الرعد: ١٣] وقد روي أن الصواعق قطعة من نار تطير من في الملك الذي يزجر السحاب عند اشتداد غضبه وقال الله تعالى: {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ}[البقرة: ٢٦٦] والإعصار: الريح الشديدة العاصف التي فيها نار والصر: الريح الشديدة البرد وقد عذب الله تعالى قوم شعيب بالظلة وروي أنه أصابهم حر أخذ بأنفاسهم فخرجوا من البيوت إلى الصحراء فأظلتهم سحابة فوجدوا لها بردا فاجتمعوا تحتها كلهم فأمطرت عليهم نارا فأحرقوا كلهم.
فكل هذه العقوبات بسبب المعاصي وهي من مقدمات عقوبات جهنم وأنموذجها.
ومما يدل على الجنة والنار أيضا ما يعجله الله في الدنيا لأهل طاعته وأهل معصيته فإن الله تعالى يعجل لأوليائه وأهل طاعته من نفحات نعيم الجنة وروحها ما يجدونه ويشهدونه بقلوبهم مما لا يحيط به عبارة ولا تحصره إشارة حتى قال بعضهم: إنه لتمر بي أوقات أقول إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه فإنهم في عيش طيب قال أبو سليمان: أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم وقال بعضهم: الرضا باب الله الأعظم وجنة الدنيا ومستراح العابدين قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[النحل: ٩٧] قال الحسن: نرزقه طاعة يجد لذتها في قلبه أهل التقوى في نعيم حيث كانوا في الدنيا والبرزخ وفي الآخرة.
العيش عيشهم والملك ملكهم ... ما الناس إلا همو بانوا أو اقتربوا
وأما أهل المعاصي والإعراض عن الله فإن الله يعجل لهم في الدنيا من أنموذج عقوبات جهنم ما يعرف أيضا بالتجربة والذوق فلا تسأل عما هم فيه من ضيق الصدر وحرجه ونكده وعما يعجل لهم من عقوبات المعاصي في الدنيا ولو بعد حين من زمن العصيان وهذا من نفحات الجحيم المعجلة لهم ثم ينتقلون بعد هذه الدار إلى أشد من ذلك وأضيق ولذلك يضيق على أحدهم قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويفتح له باب إلى النار فيأتيه من سمومها قال الله تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً}[طه: ١٢٤] وورد في الحديث المرفوع تفسيرها بعذاب القبر ثم بعد ذلك يصيرون إلى جهنم وضيقها قال الله.