الليل وقال: هو أقرب ما يتقرب به إلى الله عز وجل وقال: ما وجدت في العبادة أشد منها ورؤي سلمة بن كهيل في المنام فقال: وجدت أفضل الأعمال قيام الليل ما عندهم أشرف منه ورأى بعض السلف خياما ضربت فسأل لمن هي فقيل للمتهجدين بالقرآن فكان بعد ذلك لا ينام.
فما لي بعيد الدار لم أقرب الحمى ... وقد نصبت مسافرين خيام
علامة طردي طول ليلي نائم ... وغيري يرى أن المنام حرام
ومن الصالحين من كان يلطف به في الحر والبرد كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: أن يذهب الله عنه الحر والبرد فكان يلبس في الشتاء ثياب الصيف وفي الصيف ثياب الشتاء ولا يجد حرا ولا بردا كان بعض التابعين يشتد عليه الطهور في الشتاء فدعا الله عز وجل فكان يؤتى بالماء في الشتاء وله بخار من حره رأى أبو سليمان في طريق الحج في شدة البرد شيخا عليه خلقان وهو يرشح عرقا فعجب منه وسأله عن حاله فقال: إنما الحر والبرد خلقان لله عز وجل فإن أمرهما أن يغشياني أصاباني وإن أمرهما أن يتركاني تركاني وقال: أنا في هذه البرية من ثلاثين سنة يلبسني في البرد فيحا من محبته ويلبسني في الصيف بردا من محبته وقيل لآخر وعليه خرقتان في يوم برد شديد: لو استترت في موضع يكنك من البرد فأنشد:
ومحسن ظني أنني في فنائه ... وهل أحد في كنه يجد البردا
وأما من يجد البرد وهم عامة الخلق فإنه يشرع لهم دفع أذاه بما يدفعه لباس وغيره.
وقد امتن الله على عباده بأن خلق لهم من أصواف بهيمة الأنعام وأوبارها وأشعارها ما فيه دفء لهم قال الله تعالى:{وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}[النحل:٥] وقال الله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ}[النحل: ٨٠] وروى ابن المبارك عن صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا حضر الشتاء تعاهدهم وكتب لهم بالوصية إن الشتاء قد حضر وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب واتخذوا الصوف شعارا ودثارا فإن البرد عدو سريع دخوله بعيد خروجه وإنما كان يكتب عمر إلى أهل الشام لما فتحت في زمنه فكان يخشى على من بها من الصحابة وغيرهم ممن لم يكن له عهد بالبرد أن يتأذى ببرد الشام وذلك من تمام نصيحته وحسن نظره وشفقته وحياطته لرعيته رضي الله عنه.