تعالى لجهنم: إن عبدا من عبادي استجار بي من زمهريرك وإني أشهدك أني قد أجرته" قالوا ما زمهرير جهنم قال: "بيت يلقى فيه الكفر فيتميز من شدة البرد" قام زبيد اليامي ذات ليلة للتهجد فعمد إلى مطهرة له كان يتوضأ منها فغمس يده في المطهرة فوجد الماء باردا شديدا كاد أن يجمد من شدة برده فذكر الزمهرير ويده في المطهرة فلم يخرجها حتى أصبح فجاءته جاريته وهو على تلك الحال فقالت: ما شأنك يا سيدي لم لا تصلي الليلة كما كنت تصلي وأنت قاعد هنا على هذه الحالة؟ فقال: ويحك إني أدخلت يدي في هذه المطهرة فاشتد علي برد الماء فذكرت به الزمهرير فوالله ما شعرت بشدة برده حتى وقفت علي فانطوي لا تحدثي بهذا أحدا ما دمت حيا فما علم بذلك أحد حتى مات رحمه الله في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لجهنم نفسين في الشتاء ونفسا في الصيف فأشد ما تجدون من البرد من زمهريرها وأشد ما تجدون من الحر من سمومها".
وروي عن ابن عباس قال: يستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح باردة يصدع العظام بردها فيسألون الحر وعن مجاهد قال: يهربون إلى الزمهرير فإذا وقعوا فيه حطم عظامهم حتى يسمع لها نقيض وعن كعب قال: إن في جهنم بردا هو الزمهرير يسقط اللحم حتى يستغيثوا بحر جهنم وعن عبد الملك بن عمير قال بلغني: أن أهل النار سألوا خازنها أن يخرجهم إلى جانبها فأخرجوا فقتلهم البرد والزمهرير حتى رجعوا إليها فدخلوها مما وجدوه من البرد وقد قال الله عز وجل: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً، إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً، جَزَاءً وِفَاقاً}[النبأ: ٢٤, ٢٦] وقال الله تعالى: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ}[صّ:٥٧] قال ابن عباس: الغساق: الزمهرير البارد الذي يحرق من برده وقال مجاهد: هو الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من برده وقيل: إن الغساق: البارد المنتن أجارنا الله تعالى من جهنم بفضله وكرمه يا من تتلى عليه أوصاف جهنم ويشاهد تنفسها كل عام حتى يحس به ويتألم وهو مصر على ما يقتضي دخولها مع أنه يعلم ستعلم إذا جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام من يندم ألك صبر على سعيرها وزمهريرها؟ قل وتكلم ما كان صلاحك يرجى والله أعلم.
كم يكون الشتاء ثم المصيف ... وربيع يمضي ويأتي الخريف
وارتحال من الحرور إلى البرد ... وسيف الردى عليك منيف