بذلك وقال بعضهم: خلقت القلوب من طين فهي تلين في الشتاء كما يلين الطين فيه.
قال الحسن: الشتاء ذكر فيه اللقاح والصيف انثى فيه النتاج يشير إلى أن الصيف تنتج فيه المواشي والشجر والصيف عند العرب هو الربيع وأما الذي تسميه الناس: الصيف فالعرب يسمونه القيظ ففي الشتاء تفور الحرارة إلى باطن الشجر فتنعقد مواد الثمر فتظهر في الربيع مباديها فتزهر الشجر ثم تورق ثم إذا ظهرت الثمار قوي حر الشمس لإنضاجها الإيثار في الشتاء للفقراء بما يدفع عنهم البرد له فضل عظيم خرج صفوان بن سليم في ليلة باردة بالمدينة من المسجد فرأى رجلا عاريا فنزع ثوبه وكساه إياه فرأى بعض أهل الشام في منامه أن صفوان بن سليم دخل الجنة بقميص كساه فقدم المدينة فقال: دلوني على صفوان فأتاه فقص عليه ما رأى.
رأى مسعر أعرابيا يتشرق في الشمس وهو يقول:
جاء الشتاء وليس عندي درهم ... ولقد يخص بمثل ذاك المسلم
قد قطع الناس الجباب وغيرها ... وكأنني بفناء مكة محرم
فنزع مسعر جبته فألبسه إياها رفع إلى بعض الوزراء الصالحين أن امرأة معها أربعة أطفال أيتام وهم عراة جياع فأمر رجلا أن يمضي إليهم وحمل معه ما يصلحهم من كسوة وطعام ثم نزع ثيابه وحلف: لا لبستها ولا دفئت حتى تعود وتخبرني أنك كسوتهم وأشبعتهم فمضى وعاد فأخبره: أنهم اكتسوا وشبعوا وهو يرعد من البرد فلبس حينئذ ثيابه خرج الترمذي من حديث أبي سعيد مرفوعا: "من أطعم مؤمنا على جوع أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة ومن سقاه على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ومن كساه على عري كساه الله من خضر الجنة" وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن ابن مسعود قال: يحشر الناس يوم القيامة أعرى ما كانوا قط وأجوع ما كانوا قط وأظمأ ما كانوا قط فمن كسا لله عز وجل كساه الله ومن أطعم لله أطعمه الله ومن سقا لله سقاه الله ومن عفا لله أعفاه الله.
ومن فضائل الشتاء: أنه يذكر بزمهرير جهنم ويوجب الإستعاذة منها وفي حديث أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم شديد البرد فإذا قال العبد: لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم: اللهم أجرني من زمهرير جهنم قال الله