للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السكينة والوقار فمنهم من كان لا يستطيع أن يأكل طعاما عقب ذلك ومنهم من كان يعمل بمقتضى ما سمعه مدة أفضل الصدقة: تعليم جاهل أو إيقاظ غافل ما وصل المستثقل في نوم الغفلة بأفضل من ضربه بسياط الوعظة ليستيقظ المواعظ كالسياط تقع على نياط القلوب فمن آلمته فصاح فلا جناح ومن زاد ألمه فمات فدمه مباح.

قضى الله في القتلى قصاص دمائهم ... ولكن دماء العاشقين جبار

وعظ عبد الواحد بن زيد يوما فصاح به رجل: يا أبا عبيدة كف فقد كشفت بالموعظة قناع قلبي فأتم عبد الواحد موعظته فمات الرجل.

صاح رجل في حلقة الشبلي فمات فاستعدى أهله على الشبلي إلى الخليفة فقال الشبلي: نفس رقت فحنت فدعيت فأجابت فما ذنب الشبلي.

فكر في أفعاله ثم صاح ... لا خير في الحب بغير افتضاح

قد جئتكم مستأمنا فارحموا ... لا تقتلوني قد رميت السلاح

إنما يصلح التأديب بالسوط من صحيح البدن ثابت القلب قوي الذراعين فيؤلم ضربه فيردع فأما من هو سقيم البدن لا قوة له فماذا ينقع تأديبه بالضرب.

كان الحسن إذا خرج إلى الناس كأنه رجل عاين الآخرة ثم جاء يخبر عنها وكانوا إذا خرجوا من عنده خرجوا وهم لا يعدون الدنيا شيئا وكان سفيان الثوري يتعزى بمجالسه عن الدنيا وكان أحمد لا تذكر الدنيا في مجلسه ولا تذكر عنده قال بعضهم: لا تنفع الموعظة إلا إذا خرجت من القلب فإنها تصل إلى القلب فأما إذا خرجت من اللسان فإنها تدخل من الأذن ثم تخرج من الأخرى قال بعض السلف: إن العالم إذا لم يرد بموعظة وجه الله زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا كان يحيى بن معاذ ينشد في مجالسه:

مواعظ الواعظ لن تقبلا ... حتى يعيها قلبه أولا

يا قوم من أظلم من واعظ ... قد خالف ما قاله في الملا

أظهر بين الناس إحسانه ... وبارز الرحمن لما خلا

العالم الذي لا يعمل بعلمه كمثل المصباح يضيء للناس ويحرق نفسه قال أبو العتاهية:

<<  <   >  >>