للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبخت غيرك بالعمى فأفدته ... بصرا وأنت محسن لعماك

وفتيلة المصباح تحرق نفسها ... وتضيء للأعشى وأنت كذاك

المواعظ ذرياق الذنوب: فلا ينبغي أن يسقي الذرياق إلا طبيب حاذق معافى فأما لذيع الهوى فهو إلى شرب الذرياق أحوج من أن يسقيه لغيره

في بعض الكتب السالفة: إذا أردت أن تعظ الناس فعظ نفسك فإن اتعظت وإلا فاستحي مني:

وغير تقي يأمر الناس بالتقى ... طبيب يداوي الناس وهو سقيم

يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم

فابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإن انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يقبل ما تقول ويقتدى ... بالقول منك وينفع التعليم

لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم

لما جلس عبد الواحد بن زيد للوعظ أتته امرأة من الصالحات فأنشدته:

يا واعظا قام لاحتساب ... يزجر قوما عن الذنوب

تنهى وأنت المريب حقا ... هذا من المنكر العجيب

لو كنت أصلحت قبل هذا ... عيبك أو تبت من قريب

كان لما قلت يا حبيبي ... موقع صدق من القلوب

تنهى عن الغي والتمادي ... وأنت في النهي كالمريب

لما حاسب المتقون أنفسهم خافوا من عاقبة الوعظ والتذكير قال رجل لابن عباس: أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فقال له ابن عباس: إن لم تخش أن تفضحك هذه الآيات الثلاث فافعل وإلا فابدأ بنفسك ثم تلا: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٤٤] وقوله تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢, ٣] قوله تعالى حكاية عن شعيب عليه السلام: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: ٨٨] .

قال النخعي كانوا يكرهون القصص لهذه الآيات الثلاث قيل لمطرف: ألا تعظ أصحابك؟ قال: أكره أن أقول ما لا أفعل تقدم بعض التابعين ليصلي بالناس إماما فالتفت إلى المأمومين يعدل الصفوف وقال: استووا فغشي

<<  <   >  >>