عليه فسئل عن سبب ذلك فقال: لما قلت لهم استقيموا فكرت في نفسي فقلت لها فأنت هل استقمت مع الله طرفة عين.
ما كل من وصف الدوا يستعمله ... ولا كل من وصف التقى ذو تقى
وصفت التقى حتى كأني ذو تقى ... وريح الخطايا من ثيابي تعبق
ومع هذا كله فلا بد للإنسان من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والوعظ والتذكير ولو لم يعظ إلا معصوم من الزلل لم يعظ الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد لأنه لا عصمة لأحد بعده:
لئن لم يعظ العاصين من هو مذنب ... فمن يعظ العاصين بعد محمد
وروى ابن أبي الدنيا بإسناد فيه ضعف عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به كله وانهوا عن المنكر وإن لم تتناهوا عنه كله" وقيل للحسن: إن فلانا لا يعظ ويقول: أخاف أن أقول مالا أفعل فقال الحسن: وأينا يفعل ما يقول ود الشيطان أنه ظفر بهذا فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر وقال مالك عن ربيعة: قال سعيد بن جبير: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر قال مالك: وصدق ومن ذا الذي ليس فيه شيء:
من ذا الذي ما ساء قط ... ومن له الحسنى فقط
خطب عمر بن عبد العزيز رحمه الله يوما فقال في موعظته: إني لأقول هذه المقالة وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما أعلم عندي فاستغفر الله وأتوب إليه وكتب إلى بعض نوابه على بعض الأمصار كتابا يعظه فيه وقال في آخره: وإني لأعظك بهذا وإني لكثير الإسراف على نفسي غير محكم لكثير من أمري ولو أن المرء لا يعظ أخاه حتى يحكم نفسه إذا لتواكل الخير وإذا لرفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإذا لاستحلت المحارم وقل الواعظون والساعون لله بالنصيحة في الأرض والشيطان وأعوانه يودون أن لا يأمر أحد بمعروف ولا ينهى عن منكر وإذا أمرهم أحد أو نهاهم عابوه بما فيه وبما ليس فيه كما قيل:
وأعلنت الفواحش في البوادي ... وصار الناس أعوان المريب
إذا ما عبتهم عابوا مقالي ... لما في القوم من تلك العيوب