[الأعراف: ١١] على ما فسره به مجاهد وغيره: أن المراد: إخراج ذرية آدم من ظهره قبل أمر الملائكة بالسجود له ولكن أكثر السلف على أن استخراج ذرية آدم منه كان بعد نفخ الروح فيه وعلى هذا يدل أكثر الأحاديث فتحمل على هذا أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم خص باستخراجه من ظهر آدم قبل نفخ الروح فيه فإن محمدا صلى الله عليه وسلم هو المقصود من خلق النوع الإنساني وهو عينه وخلاصته وواسطة عقده فلا يبعد أن يكون أخرج من ظهر آدم عند خلقه قبل نفخ الروح فيه.
وقد روي: أن آدم عليه الصلاة والسلام رأى اسم محمد صلى الله عليه وسلم مكتوبا على العرش وأن الله عز وجل قال لآدم: "لولا محمد ما خلقتك" وقد خرجه الحاكم في صحيحه فيكون حينئذ من حين صور آدم طينا استخرج منه محمد صلى الله عليه وسلم ونبىء وأخذ منه الميثاق ثم أعيد إلى ظهر آدم حتى خرج في وقت خروجه الذي قدر الله خروجه فيه ويشهد لذلك ما روي عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث" وفي رواية: "أول الناس في الخلق" خرجه ابن سعد وغيره وخرجه الطبراني من رواية قتادة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا والمرسل أشبه وفي رواية عن قتادة مرسلة: ثم تلا: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}[الأحزاب: ٧] فبدأ به قبل نوح الذي هو أول الرسل فمحمد صلى الله عليه وسلم أول الرسل خلقا وآخرهم بعثا فإنه استخرج من ظهر آدم لما صور ونبىء حينئذ وأخذ ميثاقه ثم أعيد إلى ظهره ولا يقال: فقد خلق آدم قبله لأن آدم حينئذ كان مواتا لا روح فيه ومحمد صلى الله عليه وسلم كان حيا حين استخراج ونبىء وأخذ ميثاقه فهو أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا فهو خاتم النبيين باعتبار أن زمانه تأخر عنهم فهو: المقفى والعاقب الذي جاء عقب الأنبياء ويقفوهم قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب: ٤٠] .
وفي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى دارا فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة فجعل الناس يدخلونها ويعجبون منها ويقولون لولا موضع اللبنة" زاد مسلم قال: "فجئت فختمت الأنبياء" وفيهما أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم معناه وفيه: "فجعل الناس يطوفون به ويقولون: هلا وضعت اللبنة؟ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين".
وقد استدل الإمام أحمد بحديث العرباض بن سارية هذا على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل على التوحيد منذ نشأ ورد بذلك على من زعم غير ذلك بل قد يستدل بهذا.