من الأنبياء والاقتداء به وهو الذي جعله للناس إماما وقد دعا هو وابنه إسماعيل بأن يبعث الله في أهل مكة رسولا منهم موصوفا بهذه الأوصاف فاستجاب الله لهما وجعل هذا النبي مبعوثا فيهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم كما دعيا بذلك وهو النبي الذي أظهر دين إبراهيم الحنيف بعد اضمحلاله وخفائه على أهل الأرض فلهذا كان أولى الناس بإبراهيم كما قال تعالى:{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا}[آل عمران: ٦٨] وقال صلى الله عليه وسلم: " إن لكل نبي وليا من المؤمنين وأنا ولي إبراهيم" ثم تلا هذه الآية وكان صلى الله عليه وسلم أشبه ولد إبراهيم به صورة ومعنى حتى إنه أشبهه في خلة الله تعالى فقال: "إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا".
والثاني بشارة عيسى به: وعيسى آخر أنبياء بني إسرائيل وقد قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}[الصف: ٦] وقد كان المسيح عليه الصلاة والسلام يحض على اتباعه ويقول: إنه يبعث السيف فلا يمنعنكم ذلك منه وروي عنه أنه قال: سوف أذهب أنا ويأتي الذي بعدي لا يتحمدكم بدعواه ولكن يسل السيف فتدخلونه طوعا وكرها وفي المسند عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل أوحى إلى عيسى عليه السلام أني باعث بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ولا حلم ولا علم قال: يا رب كيف هذا ولا حلم ولا علم؟ قال: أعطيهم من حلمي وعلمي" قال ابن اسحاق حدثني بعض أهل العلم: أن عيسى بن مريم عليه السلام قال: إن أحب الأمم إلى الله عز وجل لأمة أحمد قيل له: وما فضلهم الذي تذكر؟ قال: لم تذلل لا إله إلا الله على ألسن أمة من الأمم تذليلها على ألسنتهم.
الثالث: مما دل على نبوته قبل ظهوره: رؤيا أمه التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام وذكر أن أمهات النبيين كذلك يرين والرؤيا هنا إن أريد بها رؤيا المنام فقد روي أن آمنة بنت وهب رأت في أول حملها بالنبي صلى الله عليه وسلم أنها بشرت بأنه يخرج منها عند ولادتها نور يضيء له قصور الشام.
وروى الطبراني بإسناده عن أبي مريم الكندي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أي شيء كان أول من أمر نبوتك؟ قال:"أخذ الله مني الميثاق كما أخذ من النبيين ميثاقهم" وتلا: {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ}[الأحزاب: ٧] الآية وبشرى المسيح عيسى بن مريم ورأت أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامها أنه خرج من