للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: ١٥, ١٦] وقال تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: ١٥٧] وفي هذا المعنى يقول العباس في أبياته المشهورة السائرة:

وأنت لما ولدت أشرقت الأرض ... وضاءت بنورك الأفق

فنحن في ذلك الضياء وفي النور ... وسبل الرشاد نخترق

وأما إضاءة قصور بصرى بالنور الذي خرج معه فهو إشارة إلى ما خص الشام من نور نبوته بأنها دار ملكه كما ذكر كعب أن في الكتب السابقة محمد رسول الله مولده بمكة ومهاجره يثرب وملكه بالشام فمن مكة بدئت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وإلى الشام ينتهي ملكه ولهذا أسري به صلى الله عليه وسلم إلى الشام إلى بيت المقدس كما هاجر إبراهيم عليه الصلاة والسلام من قبله إلى الشام.

قال بعض السلف: ما بعث الله نبيا إلا من الشام فإن لم يبعثه منها هاجر إليها وفي آخر الزمان يستقر العلم والإيمان بالشام فيكون نور النبوة فيها أظهر منه في سائر بلاد الإسلام.

وخرج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي الدرداء وخرج الحاكم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي فأتبعته بصري فإذا هو عمود ساطع عمد به إلى الشام ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام" وفي المسند والترمذي وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ستكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم" يعني الشام وبالشام ينزل عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان وهو المبشر بمحمد صلى الله عليه وسلم ويحكم به ولا يقبل من أحد غير دينه فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويصلي خلف إمام المسلمين ويقول: إن هذه الأمة أئمة بعضهم لبعض إشارة إلى أنه متبع لدينهم غير ناسخ له والشام هي في آخر الزمان أرض المحشر والمنشر فيحشر الناس إليهم قبل القيامة من أقطار الأرض فيهاجر خيار أهل الأرض إلى مهاجر إبراهيم وهي أرض الشام طوعا كما تقدم أن خيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم.

وقال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده" خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم في صحيحهما وقال.

<<  <   >  >>