أشد من ذلك العجب" قال الحسن: لو أن ابن آدم كلما قال أصاب وكلما عمل أحسن أوشك أن يجن من العجب قال بعضهم: ذنب أفتقر به أحب إلي من طاعة أدل بها عليه أنين المذنبين أحب إليه من زجل المسبحين لأن زجل المسبحين ربما شابه الإفتخار وأنين المذنبين يزينه الإنكسار والإفتقار.
في حديث: "إن الله لينفع العبد بالذنب يذنبه" قال الحسن: إن العبد ليعمل الذنب فلا ينساه ولا يزال متخوفا منه حتى يدخل الجنة المقصود من زلل المؤمن ندمه ومن تفريط أسفه ومن اعوجاجه تقويمه ومن تأخره تقديمه ومن زلقه في هوة الهوى أن يؤخذ بيده فينجى إلى نجوة النجاة كما قيل:
قرة عيني لا بد لي منك وإن ... أوحش بيني وبينك الزلل
قرة عيني أنا الغريق فخذ ... كف غريق عليك يتكل
الفائدة الثانية: حصول المغفرة والعفو من الله لعبده فإن الله يحب أن يعفو ويغفر ومن أسمائه الغفار والعفو والتواب فلو عصم الخلق فلمن كان العفو والمغفرة.
قال بعض السلف: أول ما خلق الله القلم فكتب: إني أنا التواب أتوب على من تاب قال أبو الجلد: قال رجل من العاملين لله بالطاعة: اللهم أصلحني صلاحا لا فساد علي بعده فأوحى الله تعالى إليه: إن عبادي المؤمنين كلهم يسألوني مثل ما سألت فإذا أصلحت عبادي كلهم فعلى من أتفضل وعلى من أعود بمغفرتي كان بعض السلف يقول: لو أعلم أحب الأعمال إلى الله لأجهدت نفسي فيها فرأى في منامه قائلا يقول له إنك تريد مالا يكون إن الله يحب أن يغفره قال يحيى بن معاذ: لو لم يكن العفو أحب الأشياء إليه لم يبتل بالذنب أكرم الخلق عليه.
يا رب أنت رجائي ... وفيك حسنت ظني
يارب فاغفر ذنوبي ... وعافني واعف عني
العفو منك إلهي ... والذنب قد جاء مني
والظن فيك جميل ... حقق بحقك ظني
وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة لما سأله: مم خلق الخلق فقال له: "من الماء" يدل على أن الماء أصل جميع المخلوقات ومادتها وجميع المخلوقات خلقت منه.