إذا ارتحلت قرناء الفتى ... على حكم ريب المنون ارتحل
قال وهب بن الورد: إم لله ملكا ينادي في السماء كل يوم وليلة أبناء الخمسين: زرع دنا حصاده أبناء الستين: هلموا إلى الحساب أبناء السبعين: ماذا قدمتم وماذا أخرتم أبناء الثمانين: لا عذر لكم وعن وهب قال: ينادي مناد: أبناء الستين: عدوا أنفسكم في الموتى.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعذر صلى الله عليه وسلم إلى من بلغه ستين من عمره وفي حديث آخر: "إذا كان يوم القيامة نودي أين أبناء الستين وهو العمر الذي قال الله فيه: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ}[فاطر: ٣٧] " وفي الترمذي عنه صلى الله عليه وسلم قال: "أعمار أمتي بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك" وفي حديث آخر: "معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين" وفي حديث آخر: "إن لكل شيء حصادا وحصاد أمتي ما بين الستين إلى السبعين" وفي هذا المعترك قبض النبي صلى الله عليه وسلم قال سفيان الثوري: من بلغ سن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليتخذ لنفسه كفنا.
وإن أمر قد سار ستين حجة ... إلى منهل من ورده لقريب
قال الفضيل لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة قال له: أنت من ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون فقال فضيل: من علم أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف وأنه مسؤول فليعد للمسألة جوابا فقال له الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة قال: ماهي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقى.
خذ في جد فقد تولى العمر ... كم ذا التفريط قد تدانى الأمر
أقبل فعسى يقبل منك العذر ... كم تبنى كم تنقض كم ذا الغدر
وما زال صلى الله عليه وسلم يعرض باقتراب أجله في آخر عمره فإنه لما خطب في حجة الوداع قال للناس:"خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا" وطفق يودع الناس فقالوا: هذه حجة الوداع فلما رجع من حجته إلى المدينة جمع الناس.