للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

... الشرح....

القدر:

من صفات الله تعالى أنه الفعال لما يريد كما قال تعالى:

{إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيد} [هود: ١٠٧] .

فلا يخرج شيء عن إرادته وسلطانه ولا يصدر شيء إلا بتقديره وتدبيره, بيده ملكوت السموات والأرض يهدي من يشاء برحمته ويضل من يشاء بحكمته لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته وسلطانه وهم يُسْألون لأنهم مربوبون محكومون.

والإيمان بالقدر واجب وهو أحد أركان الإيمان الستة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر والقدر خيره وشره". رواه مسلم وغيره.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "آمنت بالقدر خيره وشره حلوه ومره" فالخير والشر باعتبار العاقبة, والحلاوة والمرارة باعتباره وقت إصابته. وخير القدر ما كان نافعا وشره ما كان ضارا أو مؤذيا.


= *فائدة مهمة: قال الشيخ محمد صالح العثيمين في دروس فتاوى في الحرم المكي عام ١٤٠٨هـ، ص "١٣٦": في شرح دعاء القنوت: "وقنا شر ما قضيت"، الله عز وجل يقضي بالخير ويقضي بالشر. أما قضاؤه بالخير فهو خير محض في القضاء والمقضي مثال: أن يقضي الله -عز وجل- للناس بالرزق الواسع والأمن والطمأنينة والهداية والنصر.. إلخ، فهذا خير في القضاء والمقضى. وأما قضاؤه بالشر فهو خير في القضاء شر في المقضي ومثال ذلك: القحط وامتناع المطر فهذا شر لكن قضاء الله به خير، قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: ٤١] . فلهذا الفساد غاية حميدة وهي الرجوع إلى الله تعالى من معصيته إلى طاعته فصار المقضي شرا، وصار القضاء خيرا.
ونحن نقول "شر ما قضيت": و"ما" هنا اسم موصول، أي شر الذي قضيته، فإن الله تعالى قد يقضي بالشر لحكمة بالغة حميدة. أ. هـ.

<<  <   >  >>