لا بد قبل البحث في هذه المسألة من تأمل مسألتين متعلقتين بهذا الاقتراح:
المسألة الأولى: معرفة الهدف من نقد مرويات السيرة والتأريخ ودراستها.
إذا علمنا أن الغرض من دراسة الحديث الشريف، إنما هو لمعرفة المقبول الذي يؤخذ به، ويعمل بموجبه، ولمعرفة الضعيف الذي لا تقوم به الحجة، ولا يلزم العمل به، فما الغرض إذن من دراسة مرويات السيرة والتأريخ عموماً؟
وللجواب عن هذا السؤال يمكن القول: إن مرويات السيرة والتأريخ تنقسم إلى قسمين، قسم منها ثابت كثبوت الأحاديث النبوية الأخرى، فمنها ما ورد في الصحيحين والسنن والمسانيد والسير وغيرها من مصادر السنة الأخرى بأسانيد مقبولة عند أهل الفن، وهذه لا كلام فيها، حيث يمكن البناء عليها، واستنباط الدروس والعبر منها، وأخذ الأحكام الشرعية المتنوعة من ثناياها.
وقسم آخر لم يثبت حسب منهج المحدثين، فلا تسلم طرقها من جهالة أو جرح في رواتها، أو انقطاع وإعضال وإرسال في أسانيدها، وهذا القسم لا يصلح للعمل بموجبه حسب الأحكام التكليفية - من وجوب وندب وكراهة وتحريم – لأنه لا يمكن أن نحكم بشيء مما تقدم إلا بعد ثبوت الدليل، والحكم الشرعي لا يثبت بدليل واهٍ.
وما دامت دراسة هذا القسم من مرويات السيرة والتأريخ لا يثبت به