للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالتكذيب والاستحالة ونحوه من الأحكام المناسبة.

والقاعدة الثانية: وهي أن الحكم على الحديث بعدم الصحة لا يعني أنه كذب أو موضوع، فقد يكون صحيحاً في حقيقة الأمر، قال ابن الصلاح: "إذا قالوا في حديث إنه غير صحيح، فليس ذلك قطعاً بأنه كذب في نفس الأمر، إذ قد يكون صدقاً في نفس الأمر، وإنما المراد به أنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور" (١) .

وقال الكمال بن الهمام في فتح القدير: لقائل أن يقول: الحكم بالضعف والصحة إنما هو في الظاهر، أما في نفس الأمر فيجوز صحة ما حكم بضعفه ظاهراً (٢) .

وعلى هذا فموضوع بحثنا هو الأحاديث والآثار والأخبار والقصص والسير الواردة بأسانيد ضعيفة أو واهية أو موضوعة.

وهنا أمرٌ ينبغي التنبيه له: وهو أن الأحايث التي حُكم عليها بالوضع نوعان: منها ما حكم عليه بالوضع بالنظر إلى إسناده، ومنها ما حكم عليه بالوضع بالنظر إلى متنه، فأما ما حكم عليه بالوضع بالنظر إلى إسناده فقط، حيث ورد من طريق راوٍ كذابٍ أو دجال ونحوه، دون سبب آخر في متن الحديث، فهذه يمكن النظر فيها وتطبيق المقاييس المقترحة عليها، فقد يكون الحديث معقولاً أو مقبولاً، إذ لا يبعد أن يصدق الكاذب، أو يصيب المخطئ، بل لو اعترف الواضع بوضعه لاحتمل أن يكون كاذباً في اعترافه ذلك.


(١) مقدمة ابن الصلاح ص ١٤.
(٢) فتح القدير للكمال بن الهمام ١/٤٦١.

<<  <   >  >>