وجه بارز في أسرة ابن عبد الحكم الذين كانوا من المؤرخين والفقهاء والمحدثين وأئمة المذهب في مصر في القرنين الثاني والثالث الهجريين وكانت لهم شهرة ونفوذ كبيرين وعلى أيديهم رئاسة المالكية في مصر.
ولد ابن عبد الحكم في الفسطاط حوالي سنة ١٨٧ هـ، وترعرع في مصر بآدابها وتقاليدها. أخذ الفقه والحديث عن أبيه وعن العديد من العلماء أمثال يونس بن يحيى، وأبي زرعة وهب الله بن راشد، وشعيب بن ليث، وليث بن سعد، وغيرهم.
لقد وثق عبد الرحمن ونقل عنه الحديث الكثير من الحفاظ والرواة أمثال أبي الحاتم الرازي، والنسائي، وإبراهيم بن يوسف الهنجاني، وعلي بن الحسن بن القديد.
وقعت أسرته في عهد المتوكل في بقعة المشاكل والصعوبات. والاضطرابات التي حدثت بعد ثورة علي بن عبد العزيز الجروي في مصر نالت من عبد الرحمن حيث زُجّ في السجن وصودرت أمواله ولاقى ألوان التعذيب وقُتل أخوه حتى أطلق سراحه بأمر أبي عثمان في سنة ٢٣٧ هـ. أما الفترة ما بعد خلاصه من السجن وحتى وفاته التي طالت عشرين سنة فلا توجد معلومات حولها.
اتصاله بالحكام وحصوله على أسناد الحكومة وأسرارها وكذا الاستماع إلى أخبار وروايات الصحابة والتابعين الذين كانوا قد جاؤوا إلى مصر، مهّدت له أرضية التوجه إلى التاريخ حتى كتب مما حصل عليه من معلومات كتاب «فتوح مصر وأخبارها» وهو أقدم كتاب مدون في تاريخ العهد الإسلامي بمصر.