والكتاب أقدم كتاب مصرى يعالج الأمور التى عالجها، ولا مثيل له فيما وصل إلينا من كتب التاريخ الإسلامى، فاضطر جميع من أتى بعده إلى الاعتماد عليه. تقول دائرة المعارف الإسلامية:«وقد استفاد المؤرخون المتقدمون إلى حد بعيد من كتاب ابن عبد الحكم، واعتمدت عليه المؤلفات المتأخرة كذلك. فأكثر كتاب حسن المحاضرة للسيوطى مأخوذ من كتاب ابن عبد الحكم، كما أخذ عنه المقريزى كثيرا من فصول كتابه. ونقل ياقوت كذلك معظم ما كتبه عن وصف مصر نقلا حرفيا عن هذا الكتاب» .
والحق أن ابن عبد الحكم رسم الطريق لمن أتى بعده من المؤرخين للتأليف فى النواحى المختلفة من التاريخ المصرى. فقد شغل كل جزء من أجزائه كتبا تاريخية مستقلة ومفصلة بعد.
فالفضل الخاص بفضائل مصر صار كتابا كاملا عند ابن الكندى وابن زولاق.
والفصل الخاص بالخطط صار كتابا مستقلا عند القضاعى والمقريزى. والفصل الخاص بالقضاة أفرد له الكندى وابن حجر كتابين. والفصل الخاص بالصحابة صار كتابا عند محمد بن الربيع الجيزى والسيوطى «١» .
وكان المنهج الذي اتبعه ابن عبد الحكم فى تأليفه هو نفس المنهج الذي كان متبعا لدى مدرسة مصر فى القرن الثالث الهجرى. وهو المعروف بطريقة الإسناد التى جرى عليها رواة الحديث «ومع ذلك ظلت نظرية نقد الرواية التاريخية نفسها أمرا لا يعرفه ابن عبد الحكم، كما لم يعرفه معاصروه من مؤرخى القرن الثالث الهجرى» مما ترتب عليه تسرب بعض الأساطير فى بعض فصول كتابه وخاصة ما يتعلق منها بتاريخ مصر القديم «٢» .
[أهم موارد ابن عبد الحكم فى فتوح مصر]
أما مصادره فيما يتعلق بتاريخ مصر وأخبارها فقد اعتمد على مجموعة من