الاجتماعي العشائري نفسه في صلب عملية "الأسلمة" وهذا النظام هو الذي تولى مهمة تنحية الشوائب، فإن كانت القبيلة مثلا تعبد الشجرة فإن الإسلام رفض ألوهية الشجرة .. لكنه أعطاها شيئا من القداسة والاحترام .. "كالقسم بالتين والزيتون" وتولى النظام الاجتماعي نفسه عملية التفريق بين الألوهية والقداسة وهكذا هبوطا إلى أبسط الحالات الاجتماعية اليومية وأعقدها .. فكم هو الطلاق سهل في الإسلام والعشيرة شكلا وكم هو معقد صعب مضمونا وتنفيذا .. إن ذلك كله نظام اجتماعي عربي لا يملكه أي تشكيل قومي في أوروبا سكسونيا أو غير ساكسوني، وهو متشابه في جبل ردفان وجبل جرجرة.
ولعل ما يفسر كل ذلك أيضا هو أن الحضارة العربية، والبربر جزء مؤسس فيها تبدي اهتماما واسعا بالإنسان ونظام المجتمع العشائري .. وهناك مئات الكتب .. لكنها لا تبدي اهتماما بالطوائف والإثنيات .. فليس في الحضارة العربية سوى عدد ضئيل جدا من الكتب التي تهتم بالإثنيات ولعل في طليعتها كتاب "الملل والنحل" فالفكر الإسلامي باعتباره نتاج تفاعلات فكر قومي قديم تطور من مفهوم العشائرية إلى الوطنية فالقومية إلى الأممية، لم يكن ينفي أو يلغي وجود الطوائف والإثنيات داخل التشكيل القومي للأمة العربية لكنه يركز على تطويرها نحو فكرته الأممية عبر تماسكها الأصلي "كأرومة واحدة" ونعتقد أنه نجح في ذلك نجاحا يستحق الدراسة .. فقد أرجع معظم العرب مشرقا ومغربا إلى جد واحد من جهة واعتنق معظمهم دينا واحدا على مذهب واحد تقريبا فمعظم العرب ومنهم البربر مسلمون سنة،