عَنَيْتُ ذا الرَّفع وأَكَّدُوا بما ... سِواهُما والقَيْدُ لن يُلتَزَمَا
وما من التَّوكيدِ لفظِيّ يَجِي ... مُكَرَّرًا كقولك ادْرُجِي ادْرُجِي
ــ
كان أو بارزًا "بالنفس والعين فبعد" الضمير "المنفصل" حتما "عنيت" المتصل "ذا الرفع" نحو: قم أنت نفسك أو عينك، وقوموا أنتم أنفسكم أو أعينكم، فلا يجوز قم نفسك ولا قوموا أعينكم, بخلاف قام الزيدون أنفسهم فيمتنع الضمير، وبخلاف ضربتهم أنفسهم ومررت بهم أعينهم، فالضمير جائز لا واجب.
تنبيه: ما اقتضاه كلامه هنا من وجوب الفضل بالضمير المنفصل هو ما صرح به في شرح الكافية, ونص عليه غيره. وعبارة التسهيل تقتضي عدم الوجوب ا. هـ "وأكدوا بما سواهما" أي: بما سوى النفس والعين "والقيد" المذكور "لن يلتزما" فقالوا: قوموا كلكم وجاءوا كلهم من غير فصل بالضمير المنفصل. ولو قلت: قوموا أنتم كلكم وجاءوا هم كلهم كلان حسنًا "وما من التوكيد لفظي يجي مكررًا" ما مبتدأ موصول ولفظي خبر مبتدأ محذوف هو العائد، والمبتدأ مع خبره صلة ما. وجاز حذف صدر الصلة وهو
ــ
قوله:"بالنفس والعين" إنما اختص هذا الحكم بهما لقوة استقلالهما فإنهما يستعملان في غير التوكيد كثيرًا نحو: علمت ما في نفسك وعين زيد حسنة بخلاف بقية الألفاظ, فلم يكن لها من قوة الاستقلال ما للنفس والعين فلم يكرهوا توكيد المرفوع المتصل بها. قوله:"نحو: قم أنت نفسك إلخ" ونحو: قمنا نحن أنفسنا ونحو: قاموا هم أنفسهم. قوله:"فيمتنع الضمير" لأن الظاهر لا يؤكد بالمضمر لكونه دون المضمر تعريفًا فلا يكون تكملة له. قوله:"ما اقتضاه كلامه هنا إلخ" وجه اقتضائه الوجوب أن التقدير فتوكيده بعد المنفصل والمصدر الواقع خبرًا بمعنى الأمر فكأنه قال فأكده بعد المنفصل, والأمر للوجوب وإنما قدرنا كالمكودي فتوكيده لا فأكده كما فعل الشاطبي؛ لأن حذف المبتدأ هو المعهود في جواب الشرط نحو:{وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ}[فصلت: ٤٩] .
قوله:"تقتضي عدم الوجوب" أي: عدم وجوب الفصل بالضمير المنفصل فيكفي الفصل بغير الضمير فالشرط مطلق الفصل وعلى هذا اقتصر السيوطي حيث قال: لا يشترط في الفاصل كونه ضميرًا ا. هـ. بل في الفارضي ما نصه: يجوز على ضعف جاءوا أعينهم وقاموا أنفسهم, وجعل منه بعضهم القراءة الشاذة "عَلَيْكُمْ أَنْفُسُكُم" بالرفع على أنه توكيد للضمير المستتر في عليكم. وقال ابن هشام: الصواب أن أنفسكم مبتدأ على حذف مضاف وعليكم خبره أي: عليكم شأن أنفسكم ا. هـ. قوله:"يجيء" حذفت لامه للضرورة, أو على لغة قاله الشاطبي. قوله:"مكررًا" أي: إلى ثلاث مرات فقط لاتفاق الأدباء على أنه لم يقع في لسان العرب أزيد منها كما نقله الدماميني عن العز بن عبد السلام. قال: وأما تكرير {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} في سورة والمرسلات فليس بتأكيد, بل كل آية قيل فيها ذلك فالمراد المكذبون بما ذكر قبيل هذا القول فلم يتعدد على معنى واحد وكذا {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} في سورة الرحمن ا. هـ. قوله:"وهو" أي: الجار والمجرور متعلق إلخ.