للهمزة في تصيير الفاعل مفعولًا وأكثر تعدي الفعل القاصر نحو ذهبت بزيد بمعنى أذهبته. ومنه:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}[البقرة: ١٧] ، وقرئ أذهب الله نورهم. السابع التعويض نحو بعت هذا بألف، وتسمى باء المقابلة أيضًا. الثامن الإلصاق حقيقة ومجازًا نحو أمسكت بزيد، ونحو مررت به. وهذا المعنى لا يفارقها، ولهذا اقتصر عليه سيبويه. التاسع المصاحبة نحو:{اهْبِطْ بِسَلَامٍ}[هود: ٤٨] ، أي معه. العاشر التبعيض نحو: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ
ــ
بعض الناس ببعض، وصككت الحجر بالحجر، والأصل دفع بعض الناس بعضًا وصك الحجر الحجر قال الدماميني: ويرد عليه أنه إذا كان الأصل ذلك لم تكن الباء داخلة على ما كان فاعلًا بل على ما كان مفعولًا، فلا يشملها ضابط باء التعدية المتقدم، ولو جعل الأصل دفع بعض الناس بعض، وصك الحجر الحجر بتقديم المفعول لم يرد ذلك. ا. هـ. قوله:"بمعنى أذهبته" ولا فرق بينهما خلافًا لمن فرق باقتضاء ذهبت بزيد المصاحبة في الذهاب بخلاف أذهبت زيدًا، ومما يرده قوله تعالى:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}[البقرة: ١٧] ، وإن أجيب عن الآية بأنه يجوز أن يكون تعالى وصف نفسه بالذهاب على معنى يليق كما وصف نفسه تعالى بالمجيء في قوله تعالى:{وَجَاءَ رَبُّكَ}[الفجر: ٢٢] ؛ لأنه ظاهر البعد. نعم ممن فرق صاحب الكشاف حيث قال: والفرق بين أذهبه، وذهب به أن معنى أذهبه أزاله وجعله ذاهبًا ويقال: ذهب به إذا استصحبه ومضى معه، وذهب السلطان بماله أخذه، ثم قال: والمعنى أخذ الله نورهم وأمسكه. ا. هـ. قال الشمني: ولا يخفى ما في قول الزمخشري، والمعنى إلخ من الجواب عن الآية بحملها على معنى آخر لذهب مع الباء لا محذور في نسبته إلى الله تعالى أصلًا.
قوله:"التعويض إلخ" المناسب لقوله باء البدل أن يقول باء العوض، والفرق بين باء التعويض، وباء البدل كما قاله سم أن في باء التعويض مقابلة شيء بشيء بأن يدفع شيء من أحد الجانبين. ويدفع من الجانب الآخر شيء في مقابلته، وفي باء البدل اختيار أحد الشيئين على الآخر فقط من غير مقابلة من الجانبين، وقيل: باء البدل أعم مطلقًا وهو ما استظهره في الهمع، فتكون هي الدالة على اختيار شيء على آخر أعم من أن يكون هناك مقابلة أولًا، والأول أشهر وأوفق بصنيع الشارح. قوله:"نحو أمسكت بزيد إلخ" فيه لف ونشر مرتب، فمعنى أمسكت بزيد قبضت على شيء من جسمه، أو ما يحسبه من ثوب أو نحوه، ولهذا كان أبلغ من أمسكت زيدًا؛ لأن معناه المنع من الانصراف بأي وجه كان، ومعنى مررت بزيد ألصقت مروري بمكان يقرب منه قاله في المغني، ونازع الدماميني في كون الإلصاق في صورة القبض على نحو الثوب حقيقي، واستظهر أنه مجاز بجعل إلصاق الإمساك بالثوب إلصاقًا بزيد لما بينهما من المجاورة، وقد يعدى المرور بعلى، فتكون للاستعلاء المجازي كأن المارّ بمجاوزته المرور به استعلى عليه. قوله:"وهذا المعنى لا يفارقها" التزامه يحوج في بعض الأماكن إلى تكلف، كما في:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} وبالله لأفعلن. قوله:"نحو اهبط بسلام" ونحو فسبح بحمد ربك بناء على أن المصدر مضاف لمفعوله أي مع حمدك ربك، وقيل: للاستعانة بناء على أنه مضاف لفاعله أي بما حمد الرب به نفسه قاله في المغني.