أي: في المدح والذم كحبذا وساء. واعلم أن لنعم وبئس استعمالين: أحدهما أن يستعملا متصرفين كسائر الأفعال فيكون لهما مضارع وأمر واسم فاعل وغيرها، وهما إذ ذاك للإخبار بالنعمة والبؤس، تقول: نعم زيد بكذا ينعم به فهو ناعم وبئس يبأس فهو بائس. الثاني أن يستعملا لإنشاء المدح والذم وهما في هذا الاستعمال لا يتصرفان لخروجهما عن الأصل في الأفعال من الدلالة على الحدث والزمان فأشبها الحرف، والكلام عليهما هنا باعتبار هذا الاستعمال, وتجري فيهما على كلا الاستعمالين اللغات الآتية في الشرح أفاده الشاطبي. قوله:"فعلان" خبر مقدم لنعم وبئس. قوله:"بدليل فبها ونعمت" أي: لأن تاء التأنيث الساكنة من خصائص الأفعال, وبدليل ما حكاه الكسائي من قولهم نعما رجلين ونعموا رجالًا؛ لأن ضمائر الرفع البارزة المتصلة أيضًا من خصائص الأفعال.
قوله:"واسمان عند الكوفيين" أي: مبنيان على الفتح لتضمنهما معنى الإنشاء وهو من معاني الحروف. وأورد عليه أن المفيد للإنشاء الجملة بتمامها لا نعم وبئس فقط. ويجاب بأنهما العمدة في إفادة الإنشاء. وفي الدماميني نقلًا عن البسيط من قال باسميتهما فما بعدهما مما هو فاعل عندنا ينبغي أن يكون تابعًا عندهم لنعم بدلًا أو عطف بيان. والمعنى الممدوح الرجل زيد ا. هـ. قال سم: ويبقى الكلام في نحو: نعم رجلًا زيد ويحتمل أن يقال: إن رجلًا تمييز عن النسبة التي تضمنها نعم بمعنى الممدوح أي: الممدوح من جهة الرجولية زيد، ويحتمل أنه حال ثم قياس. ما ذكر في نعم الرجل حر الولد فيما استدلوا به من قوله ما هي بنعم الولد أي: ما هي بالممدوح الولد. ولعلهم يروونه بالجر فإن فرض أنهم يروونه بالرفع فلعله مقطوع عما قبله، وكذا يقال في العير من قوله على بئس العير ا. هـ. وفي الفارضي من قال باسمية نعم وبئس أعربهما مبتدأ وما بعدهما خبر ويجوز العكس حكاه أبو حيان في شرح هذا الكتاب. قوله:"باكر" أي: سريع.
قوله:"هو مثل قوله إلخ" ضمير هو يرجع إلى المذكور من الشواهد أي: إلى مجموعها
٧٦٦- الرجز بلا نسبة في الدرر ٥/ ١٩٥؛ ولسان العرب ١٢/ ٥٨٢ "نعم"؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٢؛ وهمع الهوامع ٢/ ٨٤.