انصب بفعل القلب جزأي ابتدا ... أعني رأى خال علمت وجدا
ــ
الأول بقوله:"انصب بفعل القلب جزأي ابتدا" يعني المبتدأ والخبر "أعني" بفعل القلب "رأى" بمعنى علم وهو الكثير كقوله:
٣٢٥- رأيت الله أكبر كل شيء ... محاولة وأكثرهم جنودًا
وبمعنى ظن وهو قليل. وقد اجتمعتا في قوله تعالى:{إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَنَرَاهُ قَرِيبًا}[المعارج: ٦] ، أي يظنون ونعلمه، فإن كانت بصرية أو من الرأي أو بمعنى أصاب رئته تعدت إلى واحد. وأما الحلمية فستأتي و"خال" بمعنى ظن كقوله:
ــ
أعطى ويبطل الثاني لأنها لا يجوز الغاؤها وباب ظن يجوز فيه الإلغاء. ا. هـ. همع. وللأخفش ومن وافقه اختيار الثاني ودفع هذا الإبطال بأن من باب ظن ما لا يجوز الغاؤه كهب وتعلم وأفعال التصيير كما يأتي فلتكن سمع مثل ما ذكر فتدبر. قوله:"لقيام معانيها" أي التضمنية. قوله:"جزأي ابتدا" أي جزأي جملة ذات ابتداء وعبارته توهم جواز كون المفعول الثاني جملة انشائية وليس كذلك ولهذا قال في تسهيله ولهما أي للمفعولين من التقديم والتأخير ما لهما مجردين أي عن هذه الأفعال ولثانيهما من الأقسام والأحوال ما لخبر كان. ا. هـ. قال الدماميني فمن الأحوال أنه لا يكون جملة طلبية ولهذا قال ما لخبر كان ولم يقل ما لخبر المبتدأ وأما قول أبي الدرداء وجدت الناس أخبر تقله، فعلى إضمار القول أي وجدت الناس مقولا في حق كل واحد منهم أخبر تقله كما أول قول الشاعر:
وكوني بالمكارم ذكريني
بأنه خبر معنى أي تذكرينني. قوله:"رأى بمعنى علم إلخ" يستثنى منه أرى المبني للمفعول فإنه استعمل بمعنى أظن ولم يستعمل بمعنى أعلم وإن استعمل في الأكثر أريت بمعنى أعلمت نقله اللقاني عن الرضي. قوله:"يرونه" أي يظنون البعث ممتنعا ونعلمه واقعا لأن العرب تستعمل البعد في الانتفاء والقرب في الحصول. قال الشيخ يحيى لا يخفى أنهم جازمون بالبعد فحمله على الظن مشكل إلا أن يحمل الظن على ما يشمل الاعتقاد الجازم المخالف للواقع. قوله:"أو من الرأي" بمعنى الاعتقاد الناشىء عن اجتهاد يقال رأى أبو حنيفة حل كذا أي اعتقد حله فيتعدى إلى واحد ولا يرد رأى أبو حنيفة كذا حلالا لجواز أن يكون بمعنى ظن أو علم لكن صرح بعضهم كما في الدماميني بأن رأى الاعتقادية متعدية إلى اثنين. وقال الرضي لا دلالة في قولك رأى أبو حنيفة حل كذا على أن رأى التي من الرأي متعدية إلى واحد دائما لجواز أن تتعدى تارة إلى مفعولين كرأى أبو حنيفة كذا حلالا وتارة إلى واحد هو مصدر ثاني هذين المفعولين مضافا إلى أولهما كرأى أبو حنيفة حل كذا كما قد تستعمل علم المتعدية لاثنين هذا
٣٢٥- البيت من الوافر، وهو لخداش بن زهير في المقاصد النحوية ٢/ ٣٧١؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص٤٢٥؛ وشرح ابن عقيل ص٢١٠؛ وشرح قطر الندى ص١٧٠؛ والمقتضب ٤/ ٩٧.