بحرف وليس معطوفًا عطف نسق، بل بيان؛ لأن أي ليست بحرف متبع على الصحيح بل حرف تفسير. وخلص التعريف للعطف بالحروف الآتي ذكرها "كاخصص بود وثناء من صدق" فثناء تابع لود بالواو وهي حرف متبع "فالعطف مطلقًا بواو" و"ثم" و"فا" و"حتى و"أم" و"أو" فهذه الستة تشرك بين التابع والمتبوع لفظًا ومعنى. وهذا معنى. قوله مطلقًا "كفيك صدق ووفا" وهذا ظاهر في الأربعة الأول. وأما أم وأو فقال المصنف: أكثر النحويين على أنهما يشركان في اللفظ لا في المعنى. والصحيح أنهما يشركان لفظًا
ــ
الحرف لثبوت التبعية لهما مع حذف أي: والعاطف لكن الشارح لم يجر على هذا الوجه.
قوله: "بل بيان" أي: عطف بيان وليس لنا عطف بيان بعد حرف إلا هذا. قوله: "ليست بحرف متبع" لصحة حذفها لفظًا وتقديرًا والعاطف ليس كذلك. ورده الدماميني بأن العاطف قد يحذف لفظًا وتقديرًا إذا صح الكلام بدونه كما في الأخبار المتعاطفة والصفات المتعاطفة, وكما في أشكو إليك بثي وحزني, إذ يصح حذف الواو فيصير الثاني توكيدًا. قوله: "على الصحيح" وقال الكوفيون: إنها عاطفة. قوله: "بل حرف تفسير" وقد ترد زائدة بين المبتدأ والخبر تأكيدًا للاتحاد وزيادة في البيان كما قاله السيد الجرجاني, مثال ذلك قول صاحب المغني. وقالوا التقدير في قوله تعالى:{أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الزمر: ٢٤] ، أي: كمن ينعم في الجنة ا. هـ. فزاد أي: بين المبتدأ وهو التقدير بمعنى المقدر والخبر وهو كمن ينعم في الجنة وتكلف الدماميني جعلها تفسيرية بجعل خبر التقدير محذوفًا تقديره ثابت, وهذا يدل على أن ثم مقدرًا فسره بقوله أي: كمن ينعم في الجنة فاحرص على هذه الفائدة تنفعك في مواطن عديدة.
قوله: "مطلقًا" حال من الضمير في الخبر أي: استقر حالة كونه مطلقًا عن التقييد باللفظ وفيه تقديم الحال على عاملها الظرفي وهو جائز عند الأخفش والمصنف, ويجوز كونه حالًا من العطف على مذهب سيبويه. قوله: "لفظًا ومعنى" الحاصل أن حروف العطف المذكورة تسعة وهي ثلاثة أقسام: ما يشرك في اللفظ فقط دائمًا وهي ثلاثة: بل ولكن ولا لاختلاف المتعاطفين فيها بالإثبات والنفي، إذ ما قبل بل ولكن منفي وما بعدهما مثبت ولا بالعكس. وما يشرك لفظًا ومعنىً دائمًا وهو أربعة: الواو والفاء وثم وحتى. وما يشرك لفظًا فقط تارة ولفظًا ومعنىً تارة أخرى وهو أم وأو. فإن قلت الواو في عطف الجوار تشرك لفظًا فقط. قلت هي مشركة في المعنى أيضًا قطعًا؛ لأن العطف في مثل وأرجلكم بالخفض إنما هو على الوجوه, ولكنك ناسبت في الحركة بينه وبين ما قبله والإعراب مقدر لاشتغال المحل بحركة المناسبة. أفاده ابن هشام.
قوله: "كفيك صدق ووفا" لا حاجة إليه بعد قوله: كاخصص إلخ. قوله: "والصحيح أنهما يشركان إلخ" الخلاف لفظي؛ لأن القائل بعدم تشريكهما في المعنى أراد بالمعنى معنى العامل؛ لأن الاستقرار في الدار مثلًا إنما هو ثابت لأحد المتعاطفين لا بعينه فقط لا لهما معًا, والقائل بتشريكهما في المعنى أراد بالمعنى ما يفيد أم من احتمال كل من متعاطفيها لثبوت استقراره في