للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ باتِّصالِ ... وثمَّ للتَّرْتِيبِ بانفصالِ

ــ

أماكن الدخول فأماكن حومل فهو بمثابة اختصم الزيدون فالعمرون "والفاء للترتيب باتصال" أي: بلا مهلة وهو المعبر عنه بالتعقيب نحو: {أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبسى: ٢١] ، وكثيرًا ما تقتضي أيضًا التسبب إن كان المعطوف جملة نحو: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ}

ــ

وغيره وبه يرد منع الحريري لذلك. دنوشري. قوله: "ولا يجوز فيها غير الواو" وإنما انفردت الواو بذلك لترجح معنى المصاحبة فيها. قوله: "بين الدخول فحومل" الدخول بفتح الدال وحومل موضعان. قوله: "بين أماكن إلخ" أي: فهو على حذف مضاف وقدره بعضهم بين أهل الدخول إلخ ويحتمل أن المراد بالدخول وحومل أجزاؤهما. قوله: "والفاء للترتيب" أي: المعنوي وقد تكون للترتيب الذكرى, وأكثر ما يكون في عطف مفصل على مجمل نحو: {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: ١٥٣] ، والذي انحط عليه كلام سم في الآيات البينات أنه ليس المراد من الترتيب الذكرى مجرد ترتيب الشيئين مثلًا في الذكر؛ لأن هذا القدر لازم للذكر مع إسقاط الفاء أيضًا, بل ترتيب مراتب المذكور في الذكر أي: بيان أن المذكور أولًا حقه أن يتقدم في الذكر لتقدم رتبته على رتبة المتأخر. قال: ولعل معنى التعقيب حينئذٍ بيان أن رتبة المتأخر قريبة من رتبة المتقدم غير متراخية عنها كثيرًا فليتأمل ا. هـ. وقد تكون في غير ذلك كقوله تعالى: {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [غافر: ٧٦] ، وقوله تعالى: {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [البقرة: ٣٦] ، فإن ذكر ذم الشيء أو مدحه يحسن بعد جري ذكره. وأما الفاء من فأخرجهما من قوله تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} [البقرة: ٣٦] ، فللترتيب المعنوي إن رجع ضمير عنها إلى الشجرة أي: أوقعهما في الزلة بسبب الشجرة وللذكرى إن رجع إلى الجنة أي: أذهبهما عنها ويرد على هذا أن الذي كانا فيه هو الجنة, فأين التفصيل إلا أن يراد فأخرجهما مما كانا فيه من النعيم والكرامة فيكون تفصيلًا بعد الإجمال قاله الدماميني.

قوله: "باتصال" أي: معه وهو في كل شيء بحسبه يقال: تزوج فلان فولد له إذا لم يكن بينهما إلا مدة الحمل وإن طالت. قوله: "أي: بلا مهلة" بضم الميم أي: تأخر كذا في المصباح وغيره. قوله: "نحو: أماته فأقبره" لا يقال الإقبار مسبب عن الإماتة, فالفاء للتسبب في هذه الآية أيضًا, وصنيع الشارح يوهم خلافه؛ لأنا نقول المراد بالتسبب أن يكون المعطوف مسببًا عن المعطوف عليه بالذات لا بواسطة عادة, والآية من الثاني لا الأول. قوله: "إن كان المعطوف جملة" أي: أو صفة نحو: {لَآَكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ، فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} [الواقعة: ٥٣] ، الآية وقد تجيء في ذلك لمجرد الترتيب من غير سببية نحو: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ، فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ} [الذاريات: ٢٧] ، ونحو: {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا، فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} [الصافات: ٢] ، وفي المغني وشرح الدماميني عليه أن للفاء مع الصفة أربعة أحوال: أن تدل على ترتيب معانيها في الوجود أو في غيره, كالشرف والخسة أو على ترتيب موصوفاتها في الوجود أو في غيره نحو: زيد الصابح فالغانم فالآيب أي: الذي أغار على القوم صباحًا فغنم فآب أي: رجع، وجالس الأزهد فالأورع، وولد

<<  <  ج: ص:  >  >>