والفاء قد تُحذَف مع ما عَطَفَت ... والواو لا لَبْسَ وهي انْفَرَدَتْ
ــ
وهو كثير في الشعر. ومن النثر قراءة ابن عباس والحسن وغيرهما:{تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}[النساء: ١] ، وحكاية قطرب ما فيها غيره وفرسه قيل ومنه:{وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة: ٢١٧] ، إذ ليس العطف على السبيل؛ لأنه صلة المصدر وقد عطف عليه كفر ولا يعطف على المصدر حتى تكمل معمولاته.
تنبيهان: الأول في المسلة مذهب ثالث وهو أنه إذا أكد الضمير جاز نحو: مررت بك أنت وزيد، وهو مذهب الجرمي والزيادي. وحاصل كلام الفراء فإنه أجاز مررت به نفسه وزيد، ومررت بهم كلهم وزيد. الثاني أفهم كلامه جواز العطف على الضمير المنفصل مطلقًا, وعلى المتصل المنصوب بلا شرط نحو: أنا وزيد قائمان، وإياك والأسد، ونحو:{جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ}[المرسلات: ٣٨] ، "والفاء قد تحذف مع ما عطفت
ــ
الشديد كذا في العيني، ومثل السواري صفة لمحذوف أي: في قامات مثل السواري طولًا, ومراده بالكعب كعب حامل تلك السيوف هكذا يظهر. قوله: "وغيرهما" كحمزة من السبعة. قوله: "تساءلون به" قال شيخنا بتخفيف السين ا. هـ. وأما ما قيل إن الواو للقسم لا للعطف فعدول عن الظاهر مع أنه إن كان قسم الطلب في قوله: واتقوا الله, ورد عليه أن قسم السؤال إنما يكون بالباء كما قاله الرضي وغيره وإن كان قسم خبر محذوف تقديره والأرحام أنه لمطلع على ما تفعلون, كما قيل كان زيادة في التكلف. قوله: "قيل ومنه إلخ" وقيل خفض المسجد بباء محذوفة لدلالة ما قبلها عليها لا بالعطف فيكون مجموع الجار والمجرور معطوفًا على به وصوبه في المغني وكذا يقال في مثل هذه الآية. وأورد عليه أن حذف الجار وبقاء عمله شاذ إلا في مواضع تقدمت في حروف الجر ليس هذا منها, اللهم إلا أن يقال محل المنع إذا حذف غير تال لعاطف مسبوق بمثال الجار.
قوله: "لأنه" أي: السبيل صلة المصدر أي: فكذا ما عطف على السبيل. قوله: "حتى تكمل معمولاته" لئلا يلزم الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي. قوله: "إذا أكد الضمير جاز" أي: قياسًا على العطف على ضمير الفاعل إذا أكد, والجامع شدة الاتصال بما يتصلان به, وفرق الأول بأوجه: منها أن الضمير المجرور أشد اتصالًا من ضمير الفاعل بدليل أن ضمير الفاعل قد يجعل منفصلًا عند إرادة الحصر ويفصل بينه وبين الفعل, ولا يمكن الفصل بين الضمير المجرور وعامله كما ذكره السيوطي فلم يؤثر توكيده جواز العطف. قوله: "جواز العطف على الضمير المنفصل إلخ" أي: لأن كلا من المذكورين ليس كالجزء فأجري مجرى الظاهر وقوله مطلقًا أي: مرفوعًا كان أو منصوبًا. قوله: "والفاء قد تحذف إلخ" هذه الأبيات الثلاثة كلام يتعلق بحروف العطف فكان ينبغي أن تذكر قبل ذكر أحكام المعطوف, وأن تكون إلى جانب قوله واخصص بفاء البيت ا. هـ. نكت. قوله: "إذ لا لبس" أي: وقت عدم اللبس فإذ ظرفية لا تعليلية كما يشير إليه قول الشارح هو قيد فيهما.