مُطابقًا أو بَعْضًا أو ما يَشْتَمِل ... عَلَيه يُلفى أو كَمَعْطوفٍ بِبَل
ــ
المعطوف ببل ولكن بعد الإثبات. وبلا واسطة يخرج المعطوف بهما بعده "مطابقًا أو بعضًا أو ما يشتمل عليه يلفى أو كمعطوف ببل" أي: يجيء البدل على أربعة أنواع: الأول بدل كل من كل وهو بدل الشيء مما يطابق معناه نحو: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ}[الفاتحة: ٦ و٧] ، وسماه الناظم البدل المطابق لوقوعه في اسم الله تعالى نحو:{إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ}[إبراهيم: ١] ، في قراءة الجر، وإنما يطلق كل على ذي
ــ
فالثاني ليس بمقصود في الأمثلة الثلاثة, أما الأول فواضح؛ لأن الحكم السابق منفي عنه وأما الأخيران؛ فلأن الحكم السابق هو نفي المجيء والمقصود به إنما هو الأول. النوع الثاني ما هو مقصود بالحكم هو وما قبله فيصدق عليه أنه مقصود بالحكم لا أنه المقصود بالحكم, وذلك كالمعطوف بالواو نحو: جاء زيد وعمرو وما جاء زيد ولا عمرو وهذان النوعان خارجان بما يخرج به النعت والتوكيد والبيان وهو الفصل الأول. النوع الثالث ما هو مقصود بالحكم دون ما قبله, وهذا هو المعطوف ببل بعد الإثبات نحو: جاءني زيد بل عمرو وهذا النوع خارج بقولنا بلا واسطة ا. هـ.
قوله:"ولكن بعد الإثبات" صريح في أن لكن تعطف بعد الإثبات والذي تقدم أنها لا تعطف إلا بعد النفي أو النهي, نعم تقدم أنها تعطف بعد الإثبات على رأي: الكوفيين فيمكن أنه جرى هنا على مذهبهم. قوله:"مطابقًا" مفعول ثان ليلفي مقدم عليه والأول جعل نائب فاعله. قوله:"أو بعضًا" شرط صحته صحة الاستغناء عنه بالمبدل منه, فيجوز جدع زيد أنفه ولا يجوز: قطع زيد أنفه؛ لأنه لا يقال قطع زيد على معنى قطع أنفه ا. هـ. دماميني قال شيخنا: ومثله في ذلك بدل الاشتمال كما يأتي فعلى هذا لا بد في كل من بدل البعض وبدل الاشتمال من دلالة ما قبله عليه ا. هـ. أي: إجمالًا كما يأتي, وقد يتوقف في عدم جواز قطع زيد فإن غاية أمره الإجمال وهو من مقاصد البلغاء وأي: فرق بين قطع زيد أنفه, وأكلت الرغيف ثلثه فتأمل. قوله:"أو ما يشتمل" بالبناء للفاعل وعليه متعلق به أي: أو بدلًا يشتمل على المبدل منه أو المعنى أو بدلًا يشتمل هو أي: المبدل منه عليه أو المعنى أو بدلًا يشتمل هو أي: العامل عليه, فكلامه محتمل للمذاهب الثلاثة الآتية في كلام الشارح, كذا قال البعض. وفيه أنه يلزم على الأخيرين جريان الصلة على غير ما هي له مع خوف اللبس فتدبر.
قوله:"أو كمعطوف ببل" أي: بعد الإثبات وهذا التشبيه إنما يتم في بدل الإضراب دون بدلي الغلط والنسيان؛ لأن بدل الإضراب هو المشارك للمعطوف ببل في قصد المتبوع أولًا قصدًا صحيحًا, ثم الإضراب عنه إلى التابع بخلاف بدلي الغلط والنسيان كما ستعرفه إلا أن يقال التشبيه في مجرد كون الثاني مباينًا للأول, بمعنى أنه ليس عينه ولا بعضه ولا مشتملًا عليه. قوله:"مما يطابق معناه" أي: يطابق معناه معناه فقبل ضمير يطابق مضاف مقدر والمراد المطابقة بحسب الماصدق بأن يكون البدل والمبدل منه واقعين على ذات واحدة, فلا يرد أنهما كثيرًا ما يتغايران بحسب المفهوم نحو: جاء زيد أخوك, ثم التغاير الذي تقتضيه المطابقة ظاهر إن اختلفا مفهومًا وإلا